شهد القرنُ العشرون ظهور حركة علمية شديدة الأهمية عُرفت باسم "الثورة المعرفية". سمحت هذه الثورة بظهور ما يُعرف بالعلوم المعرفية، والتي كان "علم النفس المعرفي" واحدًا من بينها. حيث صارت العلوم المعرفية في ثلاثة اتجاهات، تبنتها ثلاث فئات من العلوم: اتجاه علوم الإنسان المعرفية واتجاه العلوم الطبيعية المعرفية واتجاه علوم الهندسة المعرفية. وفي هذا الإطار، صُنفت بحوث الذكاء الاصطناعي إلى نوعين: النوع الأول الذكاء الاصطناعي الهندسي الذي يهتم بتصميم أفضل الأجهزة الذكية الممكنة، بغض النظر عما إذا كانت العمليات المطبقة تحاكي العمليات الموجودة في الذكاء الطبيعي أم لا. الثاني: الذكاء الاصطناعي المعرفي الذي يهتم بتصميم أجهزة تحاكي ذكاء البشر، وذلك من خلال نمذجة البيانات الكمية التجريبية البشرية اعتمادًا على نظريات معالجة البيانات. واهتم علم النفس بالنوع الثاني من الذكاء الاصطناعي. وفي ضوء ذلك تحاول الورقة الراهنة إلقاء الضوء على موضع دراسات الذكاء الاصطناعي داخل منظومة العلوم المعرفية بشكل عام، وداخل إطار علم النفس بشكل خاص، وداخل إطار علم النفس المعرفي على نحو خاص، وذلك سعيًا إلى تنظيم نتائج البحوث التي تجري على المستويات المختلفة للعلم المعرفي، وتوضيح العلاقات فيما بينها، وصور الإفادة البينية منها. وتختتم الورقة تصورها باقتراحها إنشاء "تخصص بيني" للعلوم المعرفية يسمح بإيجاد لغة مشتركة بين التخصصات المختلفة، والربط بين نتائج البحوث التي تخرج بها هذه التخصصات. في صورة برنامج للدراسات العليا بكلية الآداب يقدم للأصول المشتركة للعلم المعرفي وجذوره الفلسفية، والنفسية، والعصبية، واللغوية، والمعلوماتية.