تعتبر صناعة المعادن من الصناعات التقليدية فى إيران وترجع جذورها إلى عصور قديمة، ثم تطورت هذه الصنعة خلال العصر الإسلامى، وبلغت أوج ازدهارها فى العصر القاجارى ويرجع ذلك لتوافر المواد الخام ووجود عدد من الحرفيين المتخصصين فضلًا عن وجود أسواق تجارية متخصصة لصناعة وبيع المنتجات المعدنية فى كل من إصفهان وشيراز وكرمان وطهران وغيرها من المدن الإيرانية ، إلى جانب رعاية الملوك والأمراء القاجاريون للصناع والفنانين الذين عملوا على إنتاج تحفًا فنية تخدم البلاط الملكى والأسواق التجارية المحلية.

ويلقى هذا البحث الضوء على أحد التحف المعدنية المزخرفة بالحفر البارز التى صنعت فى إيران خلال العصر القاجارى وهى مزهرية من النحاس الأصفر محفوظة بمتحف سمرقند، وربما تكون من التحف الفنية التذكارية التى أمر بصناعتها أحد الشاهات أو الملوك القاجاريين ، لما تتميز به من دقة وجودة الصنعة والمهارة الفائقة فى اتقان تنفيذ الزخارف التى تزينها والتى تؤكد على استمرار التقاليد الصناعية والفنية والزخرفية لتلك الصنعة حتى نهاية العصر القاجارى، كما تتسم نقوش هذه المزهرية بوضوح النزعة القومية لدى الإيرانيين خلال تلك الفترة واعتزازهم بتاريخهم القديم وتأكيدهم على استمرار القوة الملكية من خلال الصور الشخصية للملوك القدامى والمناظر التصويرية المستمدة من قصص الأدب الفارسي القديم، وقد تمت دراسة هذه التحفة من خلال الدراسة الوصفية والتحليلية لتوثيقها ومعرفة طريقة الصناعة والزخرفة إلى جانب تحليل الزخارف المنفذة عليها ومحاولة قراءة نقوشها، ثم اختتمت الدراسة بأهم النتائج والتى منها نسبة وتأريخ المزهرية إلى مدينة إصفهان فى أواخر العصر القاجارى بصفة عامة وإلى فترة ناصر الدين شاه قاجار (1265- 1314هـ/1848- 1896م ) بصفة خاصة.