يسعى هذا البحث إلى مناقشة وتحليل قضية منظومة الحماية الاجتماعية والفقر من المنظور التنموي مع التطبيق على الحالة المصرية، لاسيما في ظل تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي لاتزال تلقي بظلالها على عملية التنمية الشاملة في المجتمع المصري، وذالك باعتبار منظومة الحماية الاجتماعية متغيراً مستقلاً والفقر متغيراً تابعاً، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المتبادل بينهما.
وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، وتم جمع البيانات باستخدام تحليل البيانات الثانوية، وتم تطبيق دليل المقابلة على عينة حجمها (25) مفردة من بعض أرباب الأسر بمدينة كفر الشيخ، وتم الاعتماد على اسلوب العينة العمدية، وتحديداً من بعض المناطق الشعبية البسيطة بالمدينة وهما (عزبة الصفيح والعزبة الجديدة) التي تحتوى على شرائح اجتماعية عديدة من (الفقراء ومحدودي الدخل ومتوسطي الدخل)، حيث تم اختيار الأفراد بشكلٍ عمدي، لمعرفة رؤيتهم حول العوامل والمتغيرات الأساسية للبحث.
وقد توصل البحث من خلال القراءة التحليلية وآراء أفراد العينة إلى عدد من النتائج من أهمها: عدم كفاية برامج الحماية الاجتماعية لتوفير حياة كريمة للفقراء خاصة في ظل السياسات التنموية المتبعة والتي أدت الى زيادة اعداد الفقراء وتعميق الفقر. فبالرغم من تعدد وتنوع البرامج الاجتماعية التي توفرها الدولة للفقراء ومحدودي الدخل "الأفراد الأولى بالرعاية"، - في فترة  ما بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 - إلا  أنها لا تكفي لتوفير حياة كريمة لهم- في ظل السياسات التنموية المتبعة والتي تعتمد على القروض الخارجية من صندوق النقد الدولي في تمويل الكثير من مشروعات التنمية وما يتبع ذلك من سياسات تقشفية، مما يؤدى إلى تفاقم الفقر وزيادة عدد الفقراء في المجتمع المصري. لذا فمن الضروري إعادة النظر في منهجية إدارة هذه المنظومة للحماية الاجتماعية بما يحقق التكامل بين كل من البرامج المختلفة. وبالتوازي مع إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية أيضاً الاتجاه نحو نموذج التنمية المستقلة بحيث تعمل الحكومة على بناء اقتصاد قومي قوي يستطيع مواجهة الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية ويسعى إلى تحقيق تنمية شاملة مستدامة قائمة على العدالة الاجتماعية في توزيع ثمار التنمية، وإلى تحسين مستوى معيشة الفئات الاجتماعية المختلفة ومحاربة الفقر.