مقدمة:
إن للفقر آثار سلبية عديدة على من يعانون منه. فمن ناحية تتأثر صحة الأفراد الفقراء نتيجة لسوء التغذية. ومن ناحية أخرى يكون الفقر مصحوباً بعدد من المخاطر الصحية مثل ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب، والسكر، وضغط الدم، والسرطان، وزيادة معدلات وفيات الأطفال الرضع، وتزايد حالات الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الصدرية وأمراض الأسنان. وبالإضافة إلى التأثيرات السلبية للفقر على صحة الأفراد، يؤثر الفقر سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للفقراء ولغيرهم. ويعني هذا، أن للفقر آثار عميقة على الأفراد وعلى الدولة في نفس الوقت. وقد سعي الباحثون في علم الاقتصاد إلى حساب التكاليف المالية للفقر بصورة كمية. وعلى الرغم من تعدد هذه المحاولات، إلا أن قدرتنا على تقدير تكلفة الفقر بصورة نقدية دقيقة قد واجهت عدة إشكاليات منهجية وعملية. وتنطلق الدراسة الراهنة من مسلمة جوهرها أن للفقر تأثيرات سلبية خطيرة تتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة، وانخفاض إنتاجية العاملين، وتدهور معدلات النمو الاقتصادي. وبعبارة أخرى، فإن الآثار السلبية للفقر تشمل جميع قطاعات المجتمع من مهمشين وأغنياء. ونتيجة لذلك تقوم الدراسة الراهنة بتحليل مفاهيم الفقر ومظاهره وأنواعه والآثار السلبية المترتبة عليه وفقاً للفكر الاقتصادي المعاصر. وبالإضافة إلى هذا، تقوم الدراسة الحالية بتفكيك أهم المداخل العالمية لتحليل ظاهرة الفكر وفقاً لما جاء في أحدث الأدبيات الاقتصادية العالمية المتصلة بدراسة الفقر. وتنتهي الدراسة بصياغة عدد من الآليات لتوضيح كيفية استفادة مصر من أحدث الأدبيات العالمية في مجال القضاء على الفقر وتقليص معدلاته.