مع بداية العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين، تتعرض البشرية عامة، ومنطقتنا العربية خاصة، ومصرنا الحبيبة بالأخص لتغييرات وتغيرات شديدة التسارع، وعميقة الأثر، ومتعددة الأبعاد، متلاحقة وأحيانا كثيرة متزامنة، فهنأو جائحة فيروسية تغزو العالم، لم تترك بقعة على وجه الأرض دون أن تغزوها وتصيبها بالفزع والرعب، فيروس " Covid-19" فرض على كافة العالم، حكامه قبل محكوميه، أغنياءه قبل فقرائه، شيوخه قبل شبابه، العزل والابتعاد والخوف والرعب، انهارت بسببه النظم والأسواق والصناعات والمدارس والجامعات، وأغلقت المعابد والكنائس والمساجد وعطلت الصلاة الجماعية، أغلقت المدن وانتشر الحجر والحجز، وكل ذلك دون قدرة على أوتشاف لقاح يحصن أو علاج يشفي، وانتشرت بسبب ذلك العديد من الأنماط السلوكية المرضية، وبعضها السوي. لقد كانت الحياة الاقتصادية من أوائل القطاعات المجتمعية التي عانت من الأزمة، لقد كان العالم قبل الجائحة في أزمة اقتصادية أدت إلى انخفاض في معدلات النمو على مستوى العالم، وزادت الجائحة من شدتها وعمقها، وانهارت أسواق مالية عديدة أفلست شركات، وأغلقت مصانع، انهارت أسعار الطاقة خاصة البترول، وتوقفت حركة الاستثمار، أو على الأقل تباطأت، فنقص المعروض من فرص العمل، زيادة على ضياع فرص على كانت قائمة بالفعل، فانتشرت البطالة وخسر الملايين من البشر مصادر رزقهم، وكانت المحصلة النهائية زيادة حدة الاستقطاب بين الفقراء والأغنياء على مستوى العالم وداخل الدولة الواحدة، وزادت حدة الإقصاء والاستبعاد والتهميش، فزادت معدلات السخط وعدم الشعور
بالإنصاف، مما دفع إما إلى اليأس والتقوقع والانسحاب من معترك الحياة، أو الارتماء في أحضان العنف والجريمة بكامل أنهاعها، او الهروب إلى عالم الخيال والوهم بإدمان المخدارت، أو اللجوء إلى التطرف الديني أو السياسي أو العنصري، وكلها سلوكيات تتناقض مع روح العصر ومتطلبات التنمية والتقدم.