تهدفُ هذه الدِّراسة إلى تحليل التَّوزيع المكاني لجُزُر الحرارة الحضريَّة (Urban Heat Islands - UHIs) في مدينة الجُبيل بالمملكة العربيَّة السُّعوديَّة، باستخدام تقنيات مُتقدِّمة في نُظُم المعلومات الجُغرافيَّة (GIS) والاستشعار عن بُعد. وتمَّ الاعتماد على البيانات الحراريَّة المُستخرجة من قمري لاندسات 8 ولاندسات 9، حيث تمَّ استخدام النِّطاقات الحراريَّة Band 10 لاستخراج درجات حرارة السَّطح Land Surface Temperature - LST  بالإضافة إلى ذلك، تمَّ حساب مُؤشِّر الفرق النَّباتي الطَّبيعي Normalized Difference Vegetation Index - NDVI لتقييم مدى توفُّر الغطاء النَّباتي وعلاقته بظاهرة جزر الحرارة الحضريَّة. وتمَّ تطبيق مجموعة من الأساليب التَّحليليَّة المُتقدِّمة، بما في ذلك تحليل البُقع السَّاخنةHotspot Analysis  لتحديد المناطق ذات التَّبايُن الحراري المُرتفع، وتصنيف استخدامات الأراضي Land Use/Land Cover لتحليل التَّوزيع المكاني للأنماط الحضريَّة والصِّناعيَّة والمساحات الخضراء. كما تمَّ استخدام التَّحليل المكاني Spatial Analysis لتقييم العلاقة بين درجات حرارة السَّطح والعوامل البيئيَّة والحضريَّة. أظهرت النتائج أن المناطق الصِّناعيَّة، وخاصَّةً المدينة الصِّناعيَّة الأولى والمدينة الصِّناعيَّة الثانية في مدينة الجُبيل، هي الأكثر تأثرًا بظاهرة جزر الحرارة الحضريَّة، حيث سجلت هذه المناطق ارتفاعًا ملحوظًا في درجات حرارة السَّطح مقارنة بالمناطق المُحيطة، وذلك بسبب تركيز الأنشطة الصِّناعيَّة المكثفة، مثل مصانع البتروكيماويات والحديد والصُّلب، والتي تسهم في زيادة الانبعاثات الحراريَّة والغازية. حددت الدِّراسة العوامل الرَّئيسيَّة المُسبِّبة لتفاقم ظاهرة جزر الحرارة الحضريَّة، والتي تشمل استخدام مواد بناء ذات خصائص امتصاص عالية للحرارة، ونُدرة المساحات الخضراء وتراجع الغطاء النَّباتي، بالإضافة إلى الكثافة العالية للأنشطة الصِّناعيَّة والمرافق الحضريَّة. وللتخفيف من هذه الآثار، قدَّمت الدِّراسة مجموعة من الإستراتيجيَّات المُقترحة، مثل زيادة المساحات الخضراء وزراعة الأشجار في المناطق الحضريَّة والصِّناعيَّة، واستخدام مواد بناء عاكسة للحرارة في الإنشاءات، وتبني ممَّارسات تخطيط حضري مستدامة تعزز التهوية الطَّبيعية وتقلل من تراكم الحرارة. تحاول هذه الدِّراسة في تسليط الضوء على ظاهرة جزر الحرارة الحضريَّة من خلال تقديم تحليل لتأثيراتها في مدينة الجُبيل، مع استخدام منهجية تعتمد على تقنيات الاستشعار عن بُعد ونُظُم المعلومات الجُغرافيَّة. كما توفُّر نتائج الدِّراسة توصيات عملية لصانعي السياسات والمخططين الحضريين لمواجهة هذه القضيَّة البيئيَّة المُلحَّة داخل المُدُن الصِّناعيَّة.