في نهاية النصف الأول من القرن العشرين ابْتُعِث عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية لدراسة المناهج اللغوية الحديثة في الجامعات الأوربية، وكان من أبرز هؤلاء تمام حسان وعبد الرحمن أيوب، حيث إنهما ابتعثا إلى جامعة لندن عام 1946م، وحصلا من هذه الجامعة على الماجستير عام 1949م، ثم على الدكتوراه عام 1952م، وعلاوة على هذا التشابه في الابتعاث، فقد تشابها أيضا في النشأة العلمية التي سبقت الابتعاث، فكلاهما تعلم في الأزهر الشريف، ثم في مدرسة دار العلوم.
وبعد عودتهما من الابتعاث محمّلين بمناهج ونظريات جديدة في دراسة اللغة، أخذ كل منهما ينشر مبادئ علم اللغة الوصفي، ويطبق المناهج الحديثة في دراسته للغة العربية، فنحن أمام علمين يتميزان بالأصالة والمعاصرة، حيث إنهما نشأا نشأة تراثية، ثم اطلعا على المناهج الحديثة في مظانها ومن روادها، مما أحدث أثرا كبيرا في إنتاجهما العلمي.
وعلى الرغم من هذا الاتفاق فإنهما اختلفا في تناولهما لبعض القضايا المتعلقة بالدرس النحوي العربي، وكان من أبرز هذه القضايا قضية الشكل والدلالة في الدرس النحوي، فكل منهما اتخذ منهجا مناقضا للآخر، وهذا ما لفت نظري وكان سببا رئيسا لفكرة هذا الدراسة، وكانت بعنوان "الدرس النحوي عند تمام حسان وعبد الرحمن أيوب بين الشكل والدلالة"، حيث قامت الدراسة بتتبع هذه المسألة لدى كل منهما نظريا وتطبيقيا مع الموازنة بينهما.