يمثل فكر مسكويه محطة بارزة في تاريخ الفلسفة الإسلامية، حيث حاول المزج بين التراث الفلسفي اليوناني والقيم الإسلامية بطريقة مبتكرة، فكان موضع عناية واهتمام من قبل العديد من الباحثين، فدرسوا فكره من زوايا مختلفة، مما أضفى أبعادًا متنوعة على تقييمه. فذهب البعض أن مسكويه كان ظاهرة ثقافية عربية تشابه في منهجها ما قدمه الجاحظ وابن قتيبة، حيث جمع بين الأدب والقيم في كتاباته. بينما أكد البعض منهم على نجاح مسكويه في بناء موضوعاته بشكل منطقي وسعيه للجمع بين الرؤية الدينية للسعادة والأبعاد الفلسفية الدنيوية. بينما يرى البعض الآخر أن المنهجية التي اتبعها مسكويه في كتاباته، تشير إلى تنظيمه الواضح وفضوله الفلسفي الواسع. ووصف البعض الآخر الفضول المعرفي لمسكويه بالسعي نحو معرفة كلية، خالية من المصالح الآنية، مع تسليط الضوء على التزامه العملي بأفكاره الأخلاقية، حيث طبقها على حياته الشخصية مبتعدًا عن حياة المتع، وأشاد البعض الآخر بإسهاماته في الأخلاق والفلسفة، لا سيما كتابه "تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق". فذهبوا إلى أن مسكويه وإن كان قد تأثر بالفلسفة اليونانية، لكنه استطاع تطوير نظرته الخاصة للنفس والأخلاق، مع اهتمام خاص بمفهوم السعادة. بينما ركزت الدراسات الغربية على النزعة الإنسانية عند مسكويه، حيث رأى البعض منهم أن مسكويه كان مهتمًا بتهذيب النفس من خلال الأخلاق والثقافة، مع رفضه لحياة الزهد والعزلة. كما لفت البعض الآخر منهم الانتباه إلى تأكيد مسكويه على دور العقل والحكمة، معتبرًا الإنسان الكامل غاية فلسفية تجمع بين البعد العقلي والروحي. ويرى البعض أن مسكويه اهتم بالأخلاق بوصفها مفتاحًا للتفاعل الاجتماعي، معتمدًا على المصطلحات الأرسطية. فركّز الباحثون العرب على سياق مسكويه التاريخي والفكري ضمن البيئة الإسلامية. بينما اعتمد الباحثون الغربيون على مناهج علمية متعددة مثل التحليل النصي، والمنهجية العلمية، والنقد الفلسفي، كما ركزوا على دراسة التأثيرات المتبادلة بين الثقافات، مثل تأثير الفلسفة اليونانية والفارسية على مسكويه، ورأوا أن مسكويه يسعى إلى الجمع بين الحكمة الفلسفية والتعاليم الدينية، مما يعكس توازنًا بين العقل والنقل، كما ناقشوا التزامه بالشريعة ورؤيته للسعادة في الدنيا والآخرة. في حين أن الباحثين العرب ركزوا على البعد الإسلامي وتأثير الفلسفة اليونانية من منظور إسلامي، وإبراز مكانة مسكويه داخل الفكر الإسلامي، نجد أن الباحثين الغربيين ركزوا على مسألة التفاعلات الثقافية وتأثير الفكر الإنساني العالمي على أعمال مسكويه.