هذا البحث يهدف إلى بيان مدى مراعاة الفقه الإسلامي للحالة النفسية للمكلفين وأثرها في الأحكام المترتبة عليها في باب الأحوال الشخصية، وبيان مظاهر تلك المراعاة من خلال النصوص الواردة في ذلك، كما يوضح مدى اهتمام الفقه الإسلامي كثيرًا بالجانب النفسي، فهو يدعم السليم ليحافظ على سلامته، ويداوي المريض ليصل إلى شفائه؛ ولذا فهو صالح للتطبيق في كل زمان ومكان؛ لمرونته واهتمامه بمصلحة المكلفين، وشرعنا الحنيف لم يترك حالة من حالات الإنسان دون بيان وضعها الفقهي، سواء نصَّ على ذلك صراحةً، أم ترك حالات مثيلة لها يمكن للفقيه أن يقيس عليها، ويبني عليها حكمه الذي يستند على أدلة معتبرة في الشرع. كما تتمثل أهمية هذا البحث في كشفه للآثار المترتبة على الحالة النفسية للنفس البشرية التي خَلَقَهَا الله تعالى وأودعها كثيرًا من الخصائص والمقومات، وجَعَلَهَا متأثرة بما يجري حولها في العالَم الخارجي إيجابًا أو سلبًا، ويعد مراعاة الفقه الإسلامي لحالة المكلفين النفسية تأكيدًا لحكمة المُشَرِّع وعدْلِه، ودليلًا على شمولية الفقه وإحاطته بكافة القضايا من كل الجوانب.