يتناول البحث مقاصد الفائدة الصفرية خلال الأزمات، فالسياسة النقدية إما أن تستهدف سعر النقود (معدل الفائدة) من خلال أدوات تؤدي إلى رفع أو خفض معدلاتها، وينتقل أثر ذلك إلى النشاط الاقتصادي من خلال ما يسمى "قناة معدل الفائدة" تلك القناة التي تتولى نقل تأثير خفض أو رفع معدل الفائدة إلى النشاط الاقتصادي، ومن ثمَّ معدلات النمو والتوظيف. وإما أن تستهدف السياسة النقدية كمية النقود في الاقتصاد، والتيسير الكمي هو الأداة لهذه السياسة، وتجد الحكومات نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى أدوات غير تقليدية لتحفيز النشاط الاقتصادي؛ لأن الأدوات التقليدية لم تعد ذات فعالية. تتمثل المقاصد الأساسية للفائدة الصفرية في الاقتصاد الوضعي في: دعم سير القطاع المالي وحماية الاقتصاد الحقيقي من تداعيات الأزمات المالية الحالية أو وشيكة الوقوع؛ فهو إجراء استثنائي تعمل البنوك المركزية من خلاله لتوسيع ميزانياتها العمومية عمدًا، ومع أهمية تلك الأداة في دعم النشاط الاقتصادي خلال الأزمة إلا أن هناك اتفاقًا بين الاقتصاديين على المخاطر العديدة التي تنطوي عليها. وقد يعقب تطبيقها أزمات أخرى متتالية خاصة إذا صاحبتها أزمة أخرى. وفي جانب الشريعة الإسلامية يُعَد الربا محرمًا وليس إجراءً مؤقتًا، يقصد تحقيقَ أهداف أوسع من تلك التي قصدها البنك المركزي من اللجوء إلى الفائدة الصفرية، وأهم تلك المقاصد حماية أهم الضروريات (وهو المال) وتفادي الظلم الواقع على فئة من الفئات (وهي فئة المَدِينِين سواء على مستوى الأفراد أو الدول)، وشَرَعَ لذلك عقدًا ذا طبيعة خاصة وهو عقد القرض وفيه معنى الصدقة؛ فلا يجوز أن ينطوي على فائدة للدائن بأي حال من الأحوال، وضمن استقرار النظام المالي والاقتصادي من التوسع في الديون، واعتبار النقود سلعة لها سوق موازية تتضخم على حساب القطاع الحقيقي للاقتصاد. فالنقود وسيلة محضة يحصل بها المقصود، لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها. فأهداف الفائدة الصفرية محدودة ومتضاربة ومع اعتراف الفكر الاقتصادي الوضعي بمعدل الفائدة ودوره في دعم الادخار فإنه يخرج على تلك القواعد ويلجأ إلى الفائدة الصفرية على حساب أصحاب رؤوس الأموال مع ما فيه من ظلم؛ إذ الأصل أن للمال عائدًا نظير إشراكه في العملية الإنتاجية ودعم النشاط الاقتصادي.