مرت الآثار الإسلامية بالقاهرة بعديد من التعديلات المعمارية والتحولات الوظيفية عبر عصورها التاريخية، ومن المعروف أن أي تعديل أو إضافة كان من شأنه تغيير النسيج العمراني وتخطيط المباني داخل المدن الإسلامية، وهذا يكون من خلال عدة إجراءات تشريعية، كانت تسجل من خلال سجلات ودفاتر قضائية، ولعل وثائق الكشف في العصر العثماني كانت من أهم تلك السجلات التي حفظت كثير من الحقائق والبيانات التي تعد سجل تاريخي لكافة التفاصيل التي تمر بها تلك العمائر آنذاك.
       ومن هنا جاءت فكرة البحث التي تقدم قراءة جديدة ترصد تعدد استخدام ووظائف قاعة سكنية مملوكية بمدينة القاهرة من خلال نشر ثلاث وثائق كشف عثمانية جديدة تخص قاعة سكنية بحارة الجوانية؛ اثنان منها تختصان بالكشف عن دير للرهبان الذي كان أصله قاعة سكنية مملوكية، وتختص الوثيقة الثالثة بالكشف عن زاوية الفتح التي كان أصلها دير للرهبان، وتكشف من خلال دراستها آثاريا وتاريخيا تعدد استخدام القاعة السكنية محل الدراسة من قاعة سكنية للإقامة إلى دير للعبادة ثم إلى مسجد، وتفسير الجوار العمراني والصراعات المذهبية وأثر ذلك في الإحلال المكاني والوظيفي، وذلك باستخدام المنهج التحليلي والاستقرائي والتاريخي.