لقد كان للنزعة السوفسطائية في القرن الخامس ق.م أثر بالغ الخطورة علي الفكر اليوناني؛ فلقد تغير البحث الفكري من البحث الموضوعي في الوجود الطبيعي إلي البحث النسبـــي في الوجـــود الإنسانـــي، وخاصة فيما يتعلق بالمعــــرفة والأخـــــلاق؛ فانتهي السوفسطائيون إلي نسبية العادات والتقاليد والقوانين.            ولقد أثرت السوفسطائية تأثيراً بالغاً علي منهجية الفكر الفلسفي، وتركت أثراً واضحاً في الفكر الفلسفي المعاصر؛ فتصورهم النسبي للمعرفة والأخلاق قد إمتد أثره إلي الفكر الفلسفي المعاصر، وخاصة عند الفيلسوف الألماني نيتشه (ت/1900م) خاصة في قوله بنسبية القيم وتغيرها. ولقد ذهب بعض الباحثين إلي أن فلسفة نيتشه استباقاً للبراجماتية؛ وذلك لقولها بإن الحقائق من خلق الإنسان، ومقيـــاس صحة الأفكـــار يتوقف علي مدي نفعهــــا وصلاحيتها للعمل، وهي الفكرة الفلسفية ذاتها التي قال بها (السوفسطائيون الجدد) في الفكر الصيني المعاصر في القرن العشرين. إشكالية الدراسة : تكمن في محاولة التعرف علي أثر السوفسطائية في الفكر الفلسفي المعاصر، وذلك من خلال نماذج ممثلة، مثل: نيتشه، والبرجماتية، والسوفسطائية المعاصرة في الصين. أما عن تساؤلات الدراسة، فيمكن إجمالها كالآتي : 1- ما ملامح النسبية السوفسطائية عند كل من: بروتاغوراس، وجورجياس ؟ 2- ما الأثر السوفسطائي النسبي في فكر (نيتشه) ؟ 3- لماذا تعد البرجماتية (سوفسطائية تجريبية) معاصرة ؟ 4- ما ملامح (السوفسطائية المعاصرة) في الصين ؟ وما وجه الإتفاق بين كل من: (السوفسطائي الإغريقي القديم)، و(المثقف السوفسطائي الجديد) في الفكر الصيني المعاصر؟ المنهج المستخدم :  استخدمت في إعداد هذه الدراسة بعض مناهج البحث المناسبة، أهمها: المنهج التاريخي؛ والمنهج التحليلي، والمنهجين النقدي والمقارن.