يهدف هذا البحث إلى الوقوف على تفاصيل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمذهبية التي ساعدتْ على ظهور الفئات الشّعبية في بلاد الشام وزيادة أعداد أفرادها ومساحة قاعدتها خلال العصر المملوكي، وهو عصر طويلٌ وحافلٌ بالأحداث المتنوعة التي كان أفراد الفئات الشعبية جزءً هامًّا منها. وتكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تزيل الغبار عن فترة زمنية بالغة الأهمية من التاريخ الشامي وهي فترة الحُكم المملوكي الذي استمرّ لما يقرب من ثلاثة قرون من الزمن، كما تُسلّط الدراسة الضوء على تاريخ الفئات الشعبية الشامية التي كانت تشكل غالبية أفراد المجتمع حينها، هذا فضلاً على إبراز المعاناة التي واجهتها هذه الفئات في إثبات وجودها والدفاع عن حقوقها ومصالحها. وأما من حيث النتائج فقد توصّل البحث إلى جُملة من النتائج الهامة، منها أن المقصود بالفئات الشعبية هي عناصر الطبقة العامة من المجتمع الذين هم السواد الأعظم من الناس، سواء كانوا من العمال والحِرفيين والفلاحين وغيرهم ممّن لم يحظوا بمكانة اجتماعية معتبرة داخل المجتمع. ومن النتائج كذلك أن عوامل اقتصادية عديدة أسهمتْ في ظهور الفئات الشعبية وتوسّع قاعدتها، منها الفُحش في فرض المكوس المتنوعة، وتكرار ظاهرة تزييف العُملة التي تؤدّي غالبًا إلى زعزعة الحياة الاقتصادية وانتشار الغلاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة.