لقد واجهت المنطقة العربية أزمة في مجال التعليم حتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19، وعلى الرغم من الاتجاهات نحو زيادة الاستثمار في التعليم والالتحاق به، والتقدم المحرز في الوصول إلى المدارس، والحد من الفجوات بين الجنسين، لا يرقى التعليم إلى مستوى إمكاناته التحويلية في المنطقة العربية، ولا تزال التحديات التي طال أمرها، بما في ذلك الاستمرار في استخدام أساليب التدريس، والتعليم القديمة، والتباين في مستويات جودة التعليم، وعدم المساواة في امكانات الوصول في البنى الأساسية، تعوق التقدم في البلدان العربية؛  مما يستوجب أن تعيد المنطقة النظر إلى التعليم باعتباره مشروعاً مجتمعيًا يهدف إلى إنتاج مفكرين وأشخاص مبتكرين، ومواطنين مشاركين من أجل تسخير الامكانات التحويلية للتعليم على النحو المبين في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (التعليم الجيد) والذي ينص على "حماية التعليم الجيد والمنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع" (اليونسكو، الاسيسكو، اليونيسيف المنتدى العربي للتنمية المستدامة، 2022).     كما اشارت التقارير أن بلد واحدة من أصل كل ست بلدان يسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية الحاسمة التي تشمل التعليم اللائق للجميع بحلول عام 2030 (الامم المتحدة، 2022)، كما كشف تقرير حول التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن ضعف جودة التعليم في المنطقة يؤدي إلى فقدان 3 سنوات تقريبًا من التعليم، وأن عدد من السنوات الدراسة في المنطقة العربية لا تعكس المستوى الحقيقي للتعلم إذ يقدّر الفرق بينهما معدل 2.9 سنة (البنك الدولي، 2018). ومن هنا تحدد مشكلة البحث في السؤال الرئيس التالي: ما التصور الاستراتيجي المقترح لتشخيص ومعالجة ظاهرة فقدان التعلم في الوطن العربي  من أجل تعليم أكثر إنصافًا وجودة وشمولًا؟   ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة الفرعية التالية: ما الأطر المرجعية لبناء التصور الاستراتيجي المقترح لتشخيص ومعالجة ظاهرة فقدان التعلم في الوطن العربي؟ ما الوضع الراهن لمشكلة فقدان التعلم وجهود معالجتها في الوطن العربي؟ وما الخيار الاستراتيجي المناسب؟ ما التصور الاستراتيجي المقترح لمعالجة ظاهرة فقدان التعلم في الوطن العربي من حيث: الصياغة، والمحاور الاستراتيجية، وأهدافها، والمبادرات التي تسهم في تحقيق كل هدف؟ ما التوصيات والمقترحات التي تفيد في هذا الشأن؟