يتناول هذا البحث بالدراسة التحليلية دينار نادر على قدر كبير من الأهمية ضرب في المدينة المختارة سنة 259هـ، وهي العاصمة التي كان قد اتخذها الثائر علي بن محمد الذي قاد ثورة ضد الدولة العباسية عرفت بإسم ثورة الزنج. وتتمثل أهمية الدينار موضع الدراسة في أنه يؤرخ للثورة التي تمثل أحد أهم المراحل الفاصلة في تاريخ الدولة العباسية لشدتها وطول فترة استمرارها. هذاوتتميز النقود الخاصة بصاحب الزنج والتي ظهر عليها إسم المدينة المختارة بصفة عامة بندرتها وقلتها، سواء كانت هذه النقود ذهبية أو فضية،والتي ينتمي إليها الدينار المنشور في هذا البحث،فضلا عن أنه النموذج الأقدم للدنانير المضروبة في المدينة المختارة حيث ضرب في سنة 259هـ. إلى جانب ذلك فإن الدينار موضع الدراسة يمثل طراز فريد حيث جاء ليتميز عن باقي النماذج التي نشرت في سنوات لاحقة بأنه الوحيد الذي جاءت كتاباته المركزية الخاصة بالوجه في ثلاثة أسطر فقط، بينما اشتملت الدنانير الأخرى على خمسة أسطر. وتزداد أهمية الدينار بما يحمله من كتابات ومضامين دينية في ظاهرها بينما في باطنها جاءت لتعكس الأغراض الحقيقية السياسية لعلي خاصة وأنه عرف عنه إستغلال الأمور بما يحقق منفعته وزعامته السياسية.  ولذلك جاءت هذه الكتابات بعبارات اختيرت بعناية من قبل علي لتستميل الزنج من جهة، والعلويين من جهة أخرى والذي كان يدعي انتسابه لهم. وكذلك عكست الكتابات بقدر كبير أفكار علي والتي بدت واضحة حتى في التسمية التي اختارها لمدينته وهي تسمية "المدينة المختارة"، فضلا عن لقب "المهدي" الذي ألحقه بإسمه ضمن كتابات مركز الظهر.