يتمثل الهدف الأساسي لحلف الناتو في حماية حرية وأمن كافة أعضائه بالوسائل السياسية والعسكرية. كما يساهم الحلف في تحقيق السلام والاستقرار المبني على القيم المشتركة في المنطقة الأوروبية – الأطلسية. من جانب آخر، فإن الحاجة إلى المفاهيم الاستراتيجية المتعاقبة للحلف تنبع من الحاجة إلى مواكبة التطورات والتحديات العالمية والإقليمية التي تواجه الحلف، ويتحتم التعامل معها. لذلك فإن التغييرات في المفاهيم والهياكل والترتيبات التشغيلية للحلف كانت متوقعة- في كثير من الأحيان- بسبب الأحداث الجارية؛ ليصبح من الضروري تبنيها ضمن مفهوم استراتيجي جديد للحلف. وقد أصدرالحلف خلال فترة الحرب الباردة أربعة مفاهيم استراتيجية للتعامل مع تحديات ومشكلات تلك المرحلة (1949- 1990). كما أصدر حلف الناتو منذ نهاية الحرب الباردة أربعة مفاهيم استراتيجية أخرى هي: المفهوم الخامس عام 1991، والسادس عام 1999، والسابع عام 2010، والثامن عام 2022، ليصبح عدد ما أصدره الحلف (منذ تأسيسه وحتى الانتهاء من الدراسة نهاية عام 2023) ثمانية مفاهيم استراتيجية تتناولها الدراسة. ومما لا شك فيه فإن التحديات التي تم التركيز عليها من مفهوم استراتيجي إلى آخر قد جاءت وفقًا للمتغيرات والأحداث التي سبقت إصدار كل مفهوم، أو يُتوقع أن تَحدث وتشكل تحديًا؛ ففي حين ركز المفهوم الاستراتيجي عام 1991 على الصراعات العرقية، ونزاعات الحدود، والمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في دول وسط وشرق أوروبا، ركز المفهوم الاستراتيجي عام 1999 على منع نشوب الصراعات، والمشاركة الفعالة في إدارة الأزمات، والصراعات في القارة الأوروبية في ذلك الوقت. بينما كان المفهوم الاستراتيجي السابع عام 2010 بمثابة مراجعة للبيئة الأمنية منذ عام 1999.