كان الملح واحدًا من أهم السلع الأساسية في بيزنطة؛ حيث قامت عليه العديد من الصناعات، مثل إعداد الخبز، وحفظ اللحوم، والأسماك، وتمليح الخضروات وتخليلها، وحفظ المنتجات سريعة التلف مثل الجبن والزبد، فضلًا عن استخداماته الطبية الواسعة؛ حيث استخدم في علاج الحيوانات ، ودخل في كثير من الصناعات مثل الصباغة، والدباغة، وصناعة الزجاج، والفخار، والصابون.
ويتم استخراجه واستخلاصه من البحار، والبحيرات، والبرك المالحة، عن طريق عملية البخر بأشعة الشمس، وقد اعتبرت الحكومة البيزنطية الملح أهم السلع المحظور تصديرها للأجانب، وكانت تحتكر استخلاصه والمتاجرة فيه، وأنتجت أنواعًا مختلفة منه، تفاوتت من ملح عالي الجودة إلى آخر منخفض الجودة، وتأثرت أسعار الملح بعوامل عدة، منها: الإنتاج السنوي، والرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة، وتكلفة نقله إلى الأماكن النائية والبعيدة عن السواحل، ولم تكتف الحكومة بإنتاجها السنوي من الملح، ولجأت إلى استيراده من مناجم ترانسيلفانيا، وخاصة من المجيار؛ اتقاءً لشرورهم، ورغبةً في شراء سلامة حدود الأراضي البيزنطية، ورغم احتكار الحكومة إنتاج الملح والمتاجرة فيه فإن بعض المؤسسات الكنسية والديرية شاركت الحكومة احتكاره في بعض المناطق، سواء عن طريق الامتيازات أو عن طريق شراء حق استخلاصه، وأخيرًا كانت الطريقة المثلى لحفظ اللحوم والأسماك وغيرها من الأطعمة سريعة التلف هي التمليح.