تحاول هذه الدراسة من خلال منهج التحليل النقدي للخطاب داخل عدد من النصوص المسرحية التي عُرضت بالمهرجان العربي للمسرح والذي أقامته الهيئة العربية للمسرح بالكويت 2016 اقتفاء أثر خطاب الأزمة
ووقع اختياري على عدد من النصوص وهي "صدى الصمت لقاسم مطرود" ، والذي قدمته دولة الكويت وفاز بجائزة المهرجان، ونص "لا تقصص رؤياك" لإسماعيل عبدالله والذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة، ونص"سيد الوقت لمحمد فريد أبو سعدة"، والذي قدمته جمهورية مصر العربية، واعتمدت الدراسة على النسخ المحفوظة لدى الهيئة العربية للمسرح
حيث ترك المأزق المعاش أثره على اختيار النصوص المسرحية المقدمة في الدورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي 2016، وانعكست الأزمة الراهنة على الخطاب المسرحي الذي تشكلت ملامحه من خلالها، حيث حمل خطاب العنوان في العروض الثلاثة المختارة محل الدراسة إحالات لانقطاع التواصل، مما وضع المتلقي على عتبات استقبال أزمة ما داخل هذه النصوص، وحمل التناص في خطاباً مضمراً وقف على القضايا المرتبطة بالتأويل الذي يعطي مبرراً للفعل الإنساني في ظل غياب حقيقة المعنى وحضور جماعات المصالح ، ووضعتنا العروض الثلاثة أمام فكرة الخطاب والسلطة من خلال مستويات اللغة والمفردات المستخدمة التي تشي بحجم القوة والسيطرة وامتلاك الحقيقة، كما كان لهيمنة خطاب الجماعات الأكثر قوة وغياب الحوار والالتزام بالحجاج الذي كشف حجم الخلاف بين الرؤى المتعارضة أحد أشكال الأزمة، ومن ثم أصبح الموت نتيجة طبيعية في العروض الثلاثة إشارة إلى أن الأخطاء القائمة من الصعوبة بمكان أن تستمر معها الحياة، وجاءت الشخصيات كبنيات متحاربة تحمل خطاب العنف والإقصاء مما جعل الفناء نتيجة حتمية لقد قدمت النصوص في مجملها صراعاً بين الماضي والحاضر، وكشفت النهايات عن انتصار الماضوية بما تحمله من قيم ومفاهيم، ومثل الموت توقفاً للحركة نحو المستقبل ووقفت بنا العروض الثلاثة على ما يمكن أن نسميه خطاب الهويات المنعزلة، التي عملت على استمرار أزمتها بالهروب المستمر من معايشة الواقع في ظل غياب الوعي مما خلق حالة من الاغتراب الواضح داخل العروض، إن الزمن الوحيد الذي تلاشى داخل العروض هو الحاضر، لذا كان الموت في نهاية العروض الثلاثة اعتراضاً على حالة التشظي وتحذيرا من أنه إذا استمر النزاع المؤسس على الرغبة في الهيمنة والسلطة سنفقد الحاضر والمستقبل.