إن التقارب بين عمل القاضي وعمل المحكم من حيث الوظيفة يفضي إلى خضوع أعمال المحكمين للقواعد العامة للعمل القضائي، ولكن فيما لا يتعارض مع الذاتية الخاصة بنشاط التحكيم، أو مالا يتعارض مع ما تقرره النصوص في شأنه من قواعد خاصة. ويؤدي اعتماد ذلك إلى التزام المحكم باحترام المبادئ الأساسية للتقاضي وأصوله العامة، وإلى أن حكم المحكمين يرتب من حيث المبدأ بعض الآثار المماثلة لآثار الحكم القضائي. فحكم التحكيم يحوز حجية الأمر المقضي L'autorité de la chose jugée إذا فصل في موضوع النزاع، ويرتب أثره في استنفاد سلطة (ولاية) المحكم dessaisissement de l'arbitre في خصوص ما قطع من مسائل موضوعية أو إجرائية ، فلا يجوز للمحكم أن يَعدل أو يعدّل فيما قضى به بمجرد صدور حكم قطعي منه. ولا يجوز للمحكم -بعد أن اُستنفدت ولايته- إصدار حكم تحكيم جديد، ولو بغرض تلافي أوجه البطلان التي أصابته، إلا باتفاق جديد .
وتكمن وراء قاعدة استنفاد الولاية أو السلطة functus officio توقعات أطراف التحكيم في "عدالة التحكيم" من خلال الاتفاق على تعيين محكم يقضي في نزاع معين في مدة محددة وليس على المدى الطويل، وصولاً إلى حل سريع ونهائي؛ وأيضا عدم خلق إمكانية لإساءة استعمال السلطة potential abuse of authority عن طريق امتداد ولاية المحكمين بعد إصدار قرار التحكيم .