تتمركز دراسات ملاءمة الفرد-بيئة العمل حول ضرورة بناء واستدامة الملاءمة الجيدة بين الأفراد وهذه البيئة. ومع أنّ هذا المجال الحديث من الدراسات يعدُّ مجالاً مركزيّاً في الأدبيات الغربيّة، إلا أنّه ما زالت الأدبيات العربيّة تعاني من نقصٍ واضحٍ تنظيراً لأدبياته فلسفيّاً ومفاهيميّاً ومنهجيّاً، واستطلاعاً لأبعاده، وكشفاً لعلاقاته وتأثيراته المتعددة، وهو الدور المأمول من الدراسات الوصفية الذي تعد الدراسة الحالية أحد صورها. لذا، سعت الدراسة الحالية للتعريف بظاهرة ملاءمة الفرد-بيئة العمل من عدة جوانب، وذلك من خلال تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة.
الهدف الأول، التعريف بأهم جوانب ظاهرة ملاءمة الفرد-بيئة العمل كتسليط الضوء على جذورها المفاهيميّة، ونشأتها، وتطورها التاريخيّ، وأبرز مبادئها، وأهميّة دراستها، وأنواعها، ومستوياتها، أما الهدف الثاني فقد ركّز على آثار هذه الظاهرة، ونتائجها داخل بيئة العمل، وطرق قياسها، والانتقادات الموجهة لها، وجهود العلماء والباحثين من أجل تطوير دراستها. أما الهدف الثالث فقد كان المساهمة في إثراء الأدبيات العربيّة من خلال تقديم إطار نظري حديث عن هذا المجال الحيويّ. ولتحقيق هذه الأهداف فقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي بغرض تأصيل مفهوم ملاءمة الفرد-بيئة العمل نظريّاً.
وقد انتهت الدراسة إلى أنّ تحقيق الملاءمة بين الفرد وبيئة العمل مرجعه حُسن اختيار الأفراد الملائمين للوظائف المناسبة لهم، وأنّه يعزز من خطط وبرامج المنظمات في الاحتفاظ بمواردها البشرية، وصيانتها، والأبعد من ذلك أنّه يؤثر إيجابًا في سلوكيات واتجاهات الأفراد، بل يمتد أثره إلى حياتهم العامة، وعلاقاتهم الأسرية. وأخيرًا، قدّمت الدراسة عددًا من التوصيات والمقترحات العلمية والعملية دعمًا لجهود الباحثين والممارسين في تعزيز جهودهم نحو تحقيق الملاءمة في بيئة العمل.