اهتمت مصر بالمنافع الخيرية سواء الداخلية والخارجية، ومن بين هذه الاهتمامات إقامتها الكثير من التكايا، والتي تنوعت أغراضها فكانت مأوى للكثير من الفقراء والمساكين الذين لا مسكن لهم والأرامل واليتامى الذين لا عائل لهم، وكان يجتمع بها أهل العلم الوافدين لأداء مناسك الحج أو العمرة من جميع أرجاء العالم الإسلامي طلبًا لتعلم العلوم الدينية، وكانت مكانًا لأهل التصوف، لإقامة الأذكار والاحتفال بالموالد، كالمولد النبوي الشريف، ومولد الإمام الحسين، والمولد الأحمدي، والدسوقي، وأحياء بعض ليالي الأشهر الهجرية كيوم عاشوراء، أي: اليوم العاشر من شهر محرم، وليلة النصف من شعبان والعشر الأواخر من رمضان والعشر الأوائل من ذي الحجة. وكان يتم الأنفاق عليها من تبرعات الأهالي، أو وقف بعض ما يمتلكون من أملاك، وقد اهتم بعض الحكام المصريين بفترة الدراسة بالوقف على هذه التكايا على أنها من سبل الخير التي يجب المحافظة عليها حتى لا تنقطع الأعمال الخيرية التي تقدمها، سواء كانت دينية أو علمية أو اجتماعية. ويهدف هذا البحث إلى دراسة أحد التكايا المصرية الخارجية المهمة دينيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والتي حفظت بدار الوثائق القومية بالقاهرة، تحت مسمى "دفاتر تكية مكة المكرمة" ضمن المتكاملة الأرشيفية دفاتر ديوان الروزنامة، وقد تنوعت الموضوعات الخاصة بهذه الدراسة من حيث التبعية الإدارية، والهيكل التنظيمي لها، والدور الخدمي التي تقوم به من استقبال قوافل الحج والعمرة، والكسوة الشريفة، وصرف التعيينات اللازمة للعاملين بها، وإطعام الوافدين إلى البيت الحرام من المصريين وغيرهم، فهى بمثابة السفارات في عصرنا الحالي، فهي تقوم على خدمة الأشخاص التابعين لها ورعايتهم رعاية كاملة، ودفع الضرر الواقع عليهم من الجهات المقيمين بها. هذا بالإضافة إلى الدراسة الأرشيفية والتي تمثلت في إعداد بطاقة وصف أرشيفي للسلسلة الفرعية، وبطاقات وصف لنماذج من الدفاتر، وقائمة حصر لدفاتر التكية. فضلًا عن إعداد دراسة وثائقية وفقًا لعلم الدبلوماتيك الحديث.