إن نشأة المعتزلة كانت نشأة عقلية تامة، وذلك بسبب تشربهم للأفكار الفلسفية اليونانية وغيرها من الفلسفات، وما أخذوه من المنطق والقياس، فتمثل الخطأ عندهم من ناحية العقل الذي يعد في الأساس مناط التكليف، مما أدى إلى جعل العقل بمثابة النقمة التي حلت عليهم وعلى جميع من تبعهم، وقد هدف البحث الحالي إلى الكشف عن الثوابت والمتغيرات عند معتزلة البصرة وبغداد، وقد اعتمد البحث الحالي على المنهجين الوصفي والتحليلي من أجل تناول الظاهرة محل الدراسة وتحليلها بدقة لاستخلاص النتائج المرجوة من البحث، والمنهج التاريخي من أجل تتبع المراحل الزمنية للظاهرة، والذي يتم تطبيقه في الدراسة الحالية من خلال دراسة الثوابت وهي من الظواهر التي تعود إلى النشأة، والمتغيرات التي تعتبر من الظواهر المرتبطة بالتغيرات التي طرأت على الفرقة، وقد خرجت الدراسة بالعديد من النتائج، ولعل من أهمها أن فرقة المعتزلة أُنشئت على يد واصل بن عطاء، وهو يعتبر من أبرز تلاميذ الإمام الحسن البصري، وقد وجد خلاف حول سبب إطلاق اسم المعتزلة عليهم، ولكن من أكثر الأقوال انتشارًا هو الخلاف الذي حدث بين واصل بن عطاء، والإمام الحسن البصري، وأيضًا أن الثوابت في الأمور التي اتفق عليها كل من مدرسة البصرة ومدرسة بغداد، وتمثلت هذه الثوابت في الأصول الخمسة التي قامت على أساسها فرقة المعتزلة، وأوصت بضرورة إجراء الأبحاث العلمية التي من شأنها أن تتناول الحديث عن المعتزلة في البصرة وبغداد، بحيث تكون هذه الدراسات متضمنة الآراء التي تعتنقها كل مدرسة بتوسع، بحيث يسهل على الدارسين التعرف على الاختلاف الكبير الذي كان بين أفكار معتزلة البصرة ومعتزلة بغداد.