شهدت السنوات الأخيرة العديد من التغييرات في عمل المنظمات الحكومية، سواء في طبيعة العمل, أو أساليب الأداء فيها, أو نظم الاتصال والمعلومات والتقنيات المستخدمة في الأداء, أو توقعات المستفيدين من الخدمات التي تقدمها تلك المنظمات، ولذلك اسُتبّدِلت الأشكال التقليدية للإدارة بأساليب تتسم باللامركزية, وتركز على التعاون والتنسيق, ومقاسمة المسئوليات, ومشاركة العاملين في عمليات اتخاذ القرارات, وعلاقات عمل أكثر أفقية، وبالتالي فقد أصبح هناك تفاعل مستمر بين المدير ومرؤوسيه داخل مكان العمل.
ويعّد التفاعل المباشر بين الإدارة والعاملين في المحيط الداخلي للعمل أحد الأهداف التي تضمن حماية المنظمة واستمراريتها، فضلاً عن أنها تمثل إحدى الدعامات الأساسية اللازمة لتحقيق الاستقرار في هذا المحيط، مما يُسهم في تحقيق الأهداف التنظيمية (طلعت، 2003).
وعلى هذا فإن بناء علاقة عمل تتسم بالتعاون والتبادل المشترك يعد أحد الأهـــــداف التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها، وإذا لم يعمل المديرون على تحقيق التعاون بينهم وبين العاملين، فإن ذلك يعني الكثير من الآثار السلبية لبيئة العمل, (جرادات 2011), ذلك أن العاملين الذين يعملون تحت قيادة مديرين غير قادرين على خلق جو من التعاون والمشاركة داخل مكان العمل، يشعرون بأنهم تحت درجة عالية من الضغط النفسي والقلق والشعور بعدم الأمان، الأمر الذي يؤدي إلى شعورهم بعدم الرضا عن عملهم، مما يؤثر سلباً على أدائهم وإنتاجيتهم في نهايــة المطــاف (النمري، 2008).
ولذلك تُعد العلاقة بين العامل ومديره من أهم العلاقات التي تميز أي تنظيم عن غيره، وتؤثر على الرضا الوظيفي للعاملين، لذلك تبدو فكرة مشاركة العاملين في عملية صنع القرارات ومعاملتهم بأسلوب يتصف بالعدالة كحل أمثل يمكن من تقليل عدم الرضا الوظيفي للعاملين (Adams, 1965).
في ضوء ما تقدم فإن الدراسة الحالية تمثل محاولة للمشاركة في الجهود البحثية التي سعت لدراسة طبيعة العلاقة بين نمط القيادة الأوتوقراطية وكل من إدراك عدم العدالة التعاملية وعدم الرضا الوظيفي لكونها متغيرات تمثل أهمية لكل من الفرد والمنظمة التي ينتمي إليها، وذلك من خلال التطبيق على العاملين بالإدارات في جامعة أسيوط.