هدفت الدراسة إلى التعرف على تحليل السياسات العامة في المملكة العربية السعودية "السياسات التأمينية نموذجاً (2000 – 2015م)"، حيث تتميز السياسة العامة التي يقررها وينفذها النظام السياسي بالتنوع والشمول، والتغلغل الذي يمس كافة جوانب الحياة في المجتمع، وصنع السياسات الحكومية أو العامة لحل مشاكل المجتمع هي عملية سياسية في المقام الأول، وتتميز بالصعوبة والتعقيد، وتختلف طبيعة وإجراءات صنع السياسة العامة من دولة إلى أخرى تبعا للنظام السياسي ودور الأجهزة الحكومية وغير الحكومية في كل منها، وبمعنى أقرب للوضوح يمكن القول بأن السياسة العامة هي نتاج تفاعل ديناميكي معقد يتم في إطار نظام فكري بيئي سياسي محدد تشترك فيه عناصر معينة رسمية وغير رسمية يحددها النظام السياسي، ومن أهم هذه العناصر: دستور الحكم في الدولة ، الأيديولوجية أو الفلسفة السياسية للسلطة الحاكمة، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، الأحزاب السياسية، جماعات المصالح، الصحافة والرأي العام، الإمكانات والموارد المتاحة وطبيعة الظروف العامة للبلد.
فالسياسات العامة تعد في أغلب الأحيان عبارة عن قوانين وأنظمة، كما يُعد إقرار السياسات العامة أحد أهم عمليات صنع السياسات العامة، حيث يتم طرح الأفكار التي تم الوصول إليها من خلال مشروعات قوانين تقدم للسلطة التشريعية، وتتسلمها الأمانة العامة للمجلس التشريعي، ثم ينظر فيها المجلس، ثم تحال إلى لجنة متخصصة، وتقوم بدراستها وتقدم تقريراً للمجلس حولها، وبعد المناقشة يتم التصويت على مشروع القانون، فإذا تمت الموافقة عليه يرفع لرئيس الدولة لتتم المصادقة عليه . فالسياسات العامة هي مجموعة من النشاطات والأفعال التي تتأطر ضمن الجهود الخاصة والعامة كأفراد أو جماعات ، وتكون موجهة نحو تحقيق وإنجاز الأهداف المخطط لها مسبقا ضمن قرارات السياسات العامة([1]).
وهناك ارتباط كبير بين تطور قطاع التأمين والاستقرار السياسي من جانب والتطور الاقتصادي العام في مختلف بلدان العالم من جانب آخر، ويظهر ذلك بوضوح في الدول الصناعية الكبرى، حيث التطور الإيجابي الكبير في الاقتصاد واستقرار الأنظمة السياسية متوافقا مع التطور التأميني، كذلك في معظم الدول الإفريقية والآسيوية، حيث يضعف النمو الاقتصادي والتأميني بشكل متواز.
يعد التأمين سمة رئيسة في المجتمعات المعاصرة التي شهدت بصورة جلية نمو دوره الاقتصادي والاجتماعي، وإذا كان المتخصصون، سواء من الأفراد، أو المؤسسات الكبيرة على دراية وعلم كافيين بمفهوم التأمين وأهميته، إلا أن المسألة لا تنسحب بالدرجة نفسها على باقي الفئات.
وتمتد آثار قطاع التأمين في المملكة العربية السعودية لتشمل الجوانب الاجتماعية في الاقتصاد، وذلك من خلال مساهمة هذا القطاع في حل مشكلة البطالة، من حيث العمالة التي يحققها، سواء في النشاط التأميني المباشر أو في الشركات التي يسهم هذا القطاع بتأسيسها، كذلك من خلال بعض أنواع التأمين ذات البعد الاجتماعي كتأمين المسئولية المدنية تجاه الغير وتأمينات الحياة والصحة والسفر.
(1) Nakamura, Robert T . and Frank Samllwood, (1980)," The politics of policy Implementation", New York, St . Martins press Inc .