يمثل طائر البا/الروح أحد الطيور المهمة في العقيدة المصرية القديمة. ويتضح ذلك من المشاهد الجنائزية التي تصوره في المقابر منذ مرحلة مبكرة في تاريخ البلاد. وكان الطائر يصور وهو يهبط على صدر المومياء ليتحد معها ويعيد الروح والحياة إلى جسد المتوفَّى ويمده بكافة احتياجاته المادية المختلفة من طعام وشراب وقدرة جنسية. واعتقد المصريون القدماء أنَّ الطائر يستطيع التحرك بحرية بين المقبرة والعالم الخارجي وأنه يستطيع أن يتخذ أي شكل يرغبه. وكان الطائر الوسيلة التي تمكن المتوفَّى من أن يعيش حياته مرة أخرى في العالم الأخروي كما كان يعيشها تمامًا في الحياة الدنيا.
ويدرس هذا البحث المشاهد الجنائزية التي تصور طائر البا في العصرين اليوناني والروماني. وتسعى الدراسة إلى توضيح مظاهر الاستمرارية وجوانب التغيير في صور هذا الطائر من خلال مقارنة المشاهد التي تصوره في العصرين مع بعض المشاهد الموجودة في مقابر مصر القديمة. وتوضح الدراسة استمرارية المعتقدات المصرية القديمة المتعلقة بدور هذا الطائر في العقائد الجنائزية، وتبين في الوقت ذاته تأثر الفنان المصري في العصرين اليوناني والروماني بالأساليب الفنية السائدة في عصره. كذلك فإنَّها توضح ظهور الطائر في المشاهد الجنائزية في مقابر الأفراد العاديين بدرجة أكبر مما كان عليه الحال في مصر القديمة.