تهتم الشعوب بتنمية ثروتها البشرية- الأسوياء منهم أو ذوى الاحتياجات الخاصة- من خلال تربيتهم واستثمار إمکاناتهم والاستفادة من قدراتهم إلى أقصى حد ممکن ليصبحوا أسوياء في مجتمعاتهم، ومع تزايد اهتمام المجتمعات والمؤسسات والمنظمات الدولية بذوي الاحتياجات الخاصة شغلت الإعاقة العقلية اهتمام قطاعًا کبيرًا من العلماء والمختصين, ومثلت في أي صورة من صورها محورًا هامًا وأساسيًا من تلک المحاور التي تدور التربية الخاصة حولها وتوليها اهتمامها.
ورغم التقدم الهائل في مجال الإعاقة العقلية من حيث تحديد المفهوم والتعريف والأسباب والتشخيص والتأهيل والتدريب والوقاية، إلا أن الوصول إلى فهم مشترک حول معظم أبعاد الإعاقة العقلية ما زال في مراحله الأولية؛ وذلک نظرًا لتعدد وتداخل جوانبها وأبعادها الطبية والاجتماعية والنفسية والتأهيلية والمهنية, الأمر الذي دفع المختصون في الطب والاجتماع والتربية للتعرف على هذه الظاهرة من حيث طبيعتها ومسبباتها وتشخيصها وطرق الوقاية منها وأفضل السبل لرعاية المعاقين عقليًا.(Rocque, et al, 2004)
وقد أثبتت معظم الدراسات الحديثة قابلية المعاقين عقليًا للتعلم البطيء والمتدرج إذا ما أحسن اختيار البرنامج التربوي والتعليمي، وإذا ما تضافرت جهود الأسرة والمعلم والأخصائي النفسي، لذا فإن أي برنامج تربوي تعليمي لابد أن يراعى هذا التعاون وأن يشتمل على برامج تعليمية تتناول المهارات الاستقلالية، ومهارات اللغة، والمهارات الأکاديمية، والإعداد المهني، وتنمية المهارات الحرکية، کما يجب أن يراعى البرنامج فئات الإعاقة المختلفة ليتناسب مع کل فئة منها (إعاقة بسيطة- إعاقة متوسطة- شديدة- بالغة الصعوبة). (عبد الفتاح عبد المجيد، 2011، 376)
ويعد موضوع مناهج وأساليب تدريس المعاقين من الموضوعات الهامة في مجال الإعاقة، ويتطلب هذا الموضوع الإجابة على سؤالين رئيسين، هما: ماذا ندرس للتلاميذ المعاقين عقليًا؟ وکيف نُدرِّس للتلاميذ المعاقين عقليًا؟ ويلخص السؤال الأول محتوى منهج التلاميذ المعاقين عقليًا، وبالتحديد ما هي الموضوعات التي ندرسها لهم؛ مواد أکاديمية أم مهارات ذات علاقة مباشرة بحياتهم اليومية، أما السؤال الثاني فيلخص أساليب تدريس التلاميذ المعاقين عقليًا وبالتحديد کيف نُدرِّس لهم، وما هي أساليب التدريس المناسبة لهم.