Subjects
-Tags
-Abstract
اللامساواة قضية تاريخية عايشتها المجتمعات المتعاقبة فى کافة العصور، غير أنها بلغت حدودها القصوى تحت وطأة العولمة والتکنولوجيا، ومن المتوقع أن تتفاقم مع الثورة الصناعية الرابعة. فقد اتضح أن مسار الاقتصاد العالمى السائد قد أدى الى غياب المساواة وازدياد الفقر وتعدد ابعاده سواء داخل المجتمعات أو فيما بينها. ففى ضوء التحولات الکبرى التى يشهدها العالم اليوم لم يعد الفقر قاصرا على فقر الدخل فقط وانما امتد ليشمل فقر الفرص المتاحة للأفراد وعدم العدالة فى اتاحتها، وظهر ما يعرف بالجيل التالى أو المستجد من أوجه عدم المساواة کما ورد بتقرير التنمية البشرية الأخير.
وعلى الرغم من أن الدول الکبرى وأثرياء العالم لعبوا دورا أساسيا فى تعميق اللامساواة العالمية، فانهم يحرصون على الاجتماع دوريا فى بداية کل عام جديد فى منتدى عالمى فى دافوس لمناقشة القضايا المختلفة للاقتصاد العالمى. ومن بين القضايا التى تناولها المنتدى هذا العام قضية اللامساواة داخل الدول وآليات مواجهتها. وکان من بين هذه الآليات تبنى الحکومات سياسات من شأنها تقوية الحراک الاجتماعى عبر الأجيال. ومن ثم دشن المنتدى – ولأول مرة - مؤشرا للحراک الاجتماعى العالمى يقيس قدرة الدول على اتاحة الفرص فى مختلف المجالات والتى تؤدى فى مجموعها اما الى قوة الحراک الاجتماعى أو ضعفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مراجعة: أ.د.م. سهير صلاح الدين محمد، أستاذ علم الاجتماع المساعد، کلية الآداب - جامعة المنيا.
وقبل تناول هذا المؤشر ومعاييره وأهم النتائج التى تم توصل اليها فى تطبيقه فانه لا بد من الاشارة الى أنه فور الانتهاء من تلک القراءة التحليلية وقعت جائحة کوفيد-19 التى قلبت الأمور رأسا على عقب، وکشفت ضعف النظام العالى القائم، وضعف منظومة الرعاية الصحية فى أکثر الدول تقدما الى حد اضطرارها للاختيار بين المرضى بالفيروس الذين سيحظون بوضعهم على أجهزة التنفس الصناعى، وأصبحت هذه الدول تعيش فى لحظة تفضيل بين المرضى بحسب أعمارهم فى سابقة لم تحدث من قبل. ومن ثم کان لزاما اعادة مناقشة نتائج هذا التقرير فى ضوء تداعيات تلک الکارثة الشاملة المعولمة، وسيتم ذلک فى التعقيب الذى سيرد فى نهاية تلک القراءة.
أکدت التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية أن القرن الحادى والعشرين شهد تراجعا فى الحرمان الشديد والفقر المدقع، غير أن اللامساواة فى تزايد مستمر منذ ثمانينيات القرن الماضى کما أکد تقرير اللامساواة العالمى الصادر فى 2018، ففى الفترة من 1980-2016 فان 1% فقط من أثرياء العالم يستحوذون على ما يعادل ضعف نصيب أفقر 50% من سکان العالم. ولم يعد التفاوت قاصرا على الدخل فقط وانما شمل العديد من الفرص والامکانات وظهر ما أسماه تقرير التنمية البشرية "الجيل المستجد" من أوجه عدم المساواة مثل الفجوة فى التعليم العالى، وتغذية الأطفال، ونشر التکنولوجيا واتاحتها، والتعلم المستمر مدى الحياه وغيرها من الفرص التى کانت فى السابق من الکماليات أصبحت اليوم حاسمة فى التنافس خاصة فى ظل اقتصاديات المعرفة. هذه التفاوتات تتراکم مدى الحياة وکثيرا ما تعکس اختلالات عميقة فى موازين القوى. کما أن الثورة الصناعية الرابعة وما تتضمنه من تحولات وتقنيات ورقمنه تعزز أوجه عدم المساواة خاصة مع عدم وجود اجراءات حمائية تتيح فرصا متکافئة للجميع. وقد أدت هذه الأوضاع الى تراجع فرص الفرد فى الحياة والى ضعف الحراک الاجتماعى الذى يؤدى بدوره الى مزيد من التفاوت، ومن ثم اعادة انتاج اللامساواة وما يترتب على ذلک من آثار سلبية على المستويين الفردى والمجتمعى.
ومن هنا کان اهتمام القائمين على المنتدى الاقتصادى العالمى بقضية الحراک الاجتماعى وتم صياغة مؤشر لقياسه، وتم تطبيقه - فى نسخته الأولى - على اثنين وثمانين دولة على مستوى العالم من بينها مصر. وکما يقول کلاوس شواب Klaus Schwab مؤسس المنتدى الاقتصادى العالمى والمدير التنفيذى له: "....التحولات الاقتصادية الراهنة انما تؤدى الى زيادة ترکيز الثروات واقتصارها على حفنة من المستفيدين ممن يمتلکون التکنولوجيا ورأس المال المادى والفکرى واتساع الفجوة بينهم وبين الآخرين فهؤلا هم الرابحون فى الأسواق الآن دون غيرهم. فالثورة الصناعية الرابعة وما تتضمنه من تحولات وتقنيات تعزز اللامساواة خاصة مع عدم وجود اجراءات حمائية تتيح فرصا متکافئة للجميع. ومن ثم فنحن بحاجة ماسة الى توفير ظروف ملائمة وعادلة لتعزيز وتشجيع الحراک الاجتماعى الذى لا يؤثر فقط على اندماج الأفراد فى الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وانما يؤثر أيضا على التماسک المجتمعى وعلى نمو الاقتصاديات، فقد ثبت أن الحراک الاجتماعى هو عامل حاسم فى تحقيق النمو الاقتصادى وأن انخفاضه يعيق هذا النمو".
ومن هنا فقد دشن المنتدى الاقتصادى العالمى أداة جديدة، ألا وهى مؤشر الحراک الاجتماعى العالمى الذى يقيس قدرة الدول على تعزيز الحراک الاجتماعى بين مواطنيها وتفعيل الوسائل المساعدة لتحقيق المساواة فى الفرص المتاحة. ويهدف هذا المؤشر الى مساعدة صانعى السياسات والقادة لتفعيل وتقوية أجندة الحراک الاجتماعى بالاعتماد على أداة تفيد فى التعرف على مناطق الضعف التى تحتاج الى تحسين واتاحة فرص متساوية وما يتطلبه ذلک من سياسات وممارسات.
DOI
10.21608/mbes.2020.118252
Keywords
الحراک الاجتماعى, النمو الاقتصادى, اللامساواه
Authors
MiddleName
-Affiliation
جامعه المنيا کلية الاداب
Email
sohairsalah78@gmail.com
Link
https://mbes.journals.ekb.eg/article_118252.html
Detail API
https://mbes.journals.ekb.eg/service?article_code=118252
Publication Title
مجلة بحوث العلوم الاجتماعية والتنمية
Publication Link
https://mbes.journals.ekb.eg/
MainTitle
تقرير الحراک الاجتماعى العالمى 2020 المساواة، الفرصة وحتمية اقتصادية جديدة خارطة طريق لمجتمع جديد واقتصاد جديد قراءة تحليلية فى ضوء المستجدات الراهنة (کوفيد-19) The Global Social Mobility Report 2020 Equality, Opportunity and a New Economic Imperative Platform for Shaping the Future of the New Economy and Society