أحدثت التطورات التکنولوجية الحديثة في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي نقلة نوعية  وثورة حقيقية في عالم الاتصال، وتُعتبر مواقع التواصل الاجتماعي هى الأکثر انتشاراً على شبکة الإنترنت، لما تمتلکه من خصائص,وسمات تميزٌها عن المواقع الإلکترونية، مما شجع متصفحي الإنترنت من کافة أنحاء العالم على الإقبال المتزايد عليها، وتعددت هذه المواقع واستأثرت بجمهور واسع من المتلقين.
وقد أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي طفرة نوعية ليس فقط في مجال الاتصال بين الأفراد  والجماعات، ولکن أيضًا في نتائج وتأثيرات هذا الاتصال سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي، وسواء کانت تأثيرات معرفية أو نفسية وجدانية أو سلوکية.
وقد کشف تقرير صادر عن موقع we are social  بداية عام 2018، أن أکثر من نصف أعداد سکان العالم الآن مرتبط بالشبکة العنکبوتية، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في عام 2018 حوالي 4.021 مليار، بزيادة تبلغ 7٪ سنويا ، وأن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في نفس العام أصبح 3.196 مليار ، أي بزيادة 13٪ سنويا ، وأن 9 من أصل 10 من هؤلاء المستخدمين يدخلون إلى هذه المواقع من خلال أجهزة الهاتف المحمول ( أخر احصائيات العالم الرقمي ).
وتؤکد هذه الأرقام والإحصائيات أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مکون أساسي من مکونات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية للأفراد والمجتمعات، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اتساع مجال تأثيراتها في مختلف المجالات وعلى مختلف مستويات وأنماط التأثير.
وتأتي التأثيرات الاجتماعية والنفسية بأنماطها الفرعية ومستوياتها المختلفة في مقدمة التأثيرات التي تحدثها مواقع التواصل توافقًا مع نوعية الدوافع التي تحرک الأفراد لاستخدامها، وهو المجال الذي اجتذب العديد من الباحثين على المستوى العربي والدولي لدراسته للوقوف على نوعية هذه التأثيرات واتجاهها سلبًا وإيجابًا.
وفي هذا الإطار، تستعرض الباحثة خلال الصفحات التالية الاتجاهات العلمية الحديثة في بحوث استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيراتها النفسية والاجتماعية.