يتميز العصر الحالي بالتغيرات السريعة والمتلاحقة التي تتطلب من کل فرد من أفراد المجتمع مواکبتها وملاحقتها حتى يتمکن المجتمع من تحقيق مکانته بين المجتمعات الأخرى کما أنها تتطلب القدرة على التعلم السريع وتحليل المواقف وحل المشکلات بطريقة التفکير العلمي .
ويُعد الانفجار المعرفي الهائل أحد هذه التغيرات السريعة التي تواجه المجتمع بکافة مجالاته خاصة مجال التعليم , وبالتالي يمثل هذا الانفجار أحد أهم التحديات التي تواجه المناهج الدراسية وخاصة منهج الدراسات الاجتماعية . حيث يشغل منهج الدراسات الإجتماعية مکانًا مهمًا بين مختلف مواد المنهج الدراسي في مراحل التعليم العام ، حيث تقوم بدور کبير في تحقيق الأهداف التربوية المرجوة ، ذلک لأن الموضوعات التي يتناولها تتصل اتصالاً مباشرًا بالإنسان والبيئة التي يعيش فيها، والبيئات الأخرى من حوله .
ويؤکد معظم التربويين على أهمية الدراسات الاجتماعية في المجالات الآتيـة : ( شلبي ، 1997 ، 49) ( حشيش , 2004 , 6 ) , ( حميدة , 1996 , 15 ) .
1 – تمکن التلاميذ من قراءة الخرائط والأشکال والمصورات مع اکتساب مهارات استخدامها.
2 – تسهم في تکوين العقلية الجغرافية والقدرات المختلفة عند التلاميذ .
3 – توجيه أنظار التلاميذ إلى ما ينمي قدراتهم على الإفادة من المعارف والخبرات في تکوين المفاهيم وإدراک المشکلات التي يتعرض لها في مختلف الأماکن وإيجاد حلول لمثل هذه المشکلات.
4 – تنمية قدرات التلاميذ على ملاحظة الظواهر واستخدام الخرائط والأشکال البيانية وقراءتها وتحليلها والوصول منها إلى أنماط ونماذج ونظريات عامة .
5- تؤثر في بناء شخصية المتعلم , وذلک لارتباطها الوثيق بالظاهرات الإجتماعية التي يعايشها في واقعه
6- تساهم في تنمية مهارات النقد والملاحظة والتصنيف والاستنتاج والتخيل وفرض الفروض والتفسير والتنبؤ وغيرها من مهارات التفکير
و يسعى المهتمون بالتعلم والتعليم جاهدين لابتکار برامج جديدة تهدف إلى تحسين الظروف التي تؤثر في کيفية تعلم الطلبة ، وأسهمت بحوث الدماغ في مجال علم الأعصاب في کشف الکثير من الأسرار عن کيفية أداء الدماغ لوظائفه وبناءً على تلک البحوث انبثقت نظريات حديثة ومفاهيم جديدة بدأت تغزو ميدان التربية والتعليم ( السلطي ,2004 ,57 ) . وظهرت بناء علي هذه النظريات والاتجاهات الکثير من الإستراتيجيات التعليمية التعلمية المتوافقة مع عمل الدماغ . إحدي تلک الاستراتيجيات کانت المنظمات البيانية (Graphic organizers) وهي عبارة عن أداة تفکير مفيدة تتيح للطلبة فرصة تنظيم المعلومات وتطوير تفکيرهم , وهي بمثابة تمثيلات بصرية للحقائق والمفاهيم تروق للعديد من الطلبة لمساعدتهم علي التعامل مع المعلومات وتنظيمها (Gregory,Chapman, 2002, 48) .
ويشير کل من (Gallavan, Nancy & Kottler, Ellen, 2010, 93 ) إلي أن استخدام المنظمات البيانية لها تأثيرها الإيجابي في تدريس الدراسات الإجتماعية خاصة موضوعات التاريخ . ويوصي کل من عبد الجليل وعبد الوهاب (2003 ، 175) بضرورة تضمين المناهج الدراسية مهارات التعامل مع الرسوم البيانية ، وتدريب معلمي الدراسات الاجتماعية والعلوم على مهارات إعداد واستخدام الرسوم البيانية . کما أوصت ماريکا کوول وآخرون ( kools , Marieke , others , 2006, 670) بضرورة تضمين المناهج الدراسية المنظمات البيانية : حيث أنها تساعد علي فهم العلاقات بين المفاهيم الواردة في الکتب الدراسية .
ويمکن تحديد أهمية استخدام المنظمات البيانية في العملية التعليمية فيما يلي : ( عبد الرحمن ,2009 , 20 ) و( راشد , 2005 , 40 ) و( شعبان ,1997 , 35 ) ( Dunston , Pamela J.1992 , 57) ,( Rock , Marcia L. ,2004, 10 ) ( zollman , Alan ,2009 (A) , 4 )
- تؤثر إيجابياً في تغيير السلوک نحو استجابة أکثر تعلماً.
- تسهم في إدراک الصور الکلية للموضوع .
- تسهم في تنمية عمليات التفکير لدي التلاميذ کالاستنتاج والتنظيم والتخطيط .
- تساعد التلاميذ في تحليل الأنظمة المعقدة .
- تساعد التلاميذ علي إدراک تسلسل الأحداث .
- تساعد التلاميذ علي تنظيم معلوماتهم
وهناک بعض الدراسات التي تناولت إستراتيجية المنظمات البيانية في التدريس وأکد أهميتها منها مايلي :
دراسة" (Robinson, Katamaya, and Dubois, 1998) حيث أشارت النتائج إلى علامات الطلبة الذي استخدموا المنظمات البيانية کانت أعلى من الطلبة الذي لم يستخدموا المنظمات البيانية. ودراسة & Carmine Crawford عام (2000) وأظهرت النتائج أن علامات الطلبة الذي استخدموا المراجع التي فيها منظمات بيانية کانت أعلى من علامات المجموعة الأخرى التي استخدمت مراجع ليس فيها منظمات بيانية ) (Huang , 2004. واستهدفت دراسة ( الشرابي , 2013 ) معرفة أثر إستراتيجية مخطط البيت الدائري علي تنمية مهارات عمليات العلم الأساسية في العلوم لدي تلاميذ المرحلة الإعدادية وأظهرت الدراسة فاعلية إستراتيجية مخطط البيت الدائري علي تنمية مهارات عمليات العلم الأساسية لدي التلاميذ.
ويوصي محمود (2003 ، 99) بضرورة الاهتمام في تعليم الدراسات الاجتماعية بتدريب التلاميذ على ممارسة عمليات العلم وممارستها من خلال الصور والرسوم البيانية .
وتشير النظرية البنائية إلي أهمية اکتساب التلاميذ لعمليات العلم فالنظرية البنائية هي نظرية معرفية وتعليمية أو نظرية تکوين المعنى والتي تعرض تفسير لطبيعة المعرفة وکيفية تعلم الفرد بمعنى أن الأفراد يبنون فهمهم أو معرفتهم الجديدة من خلال ما لديهم فعلاً من معرفة ومعتقدات وأفکار وأحداث (Connella & Reiff, 1994,) , ( إبراهيم ,2007 ,22-26)
وسميت عمليات العلم بتسميات مختلفة منها : حل المشکلة ، والتفکير العلمي ، وقدرات التفکير المنطقي، ومهارات عمليات العلم وکلهـا مفاهيـم تصف العمليات العقلية. کما أن معظمها يعکس أنواعًا متشابهة من التفکير ((Yeany & Other,1996, 277, 291 .
ويتفق الجميع علي أن العنصر المشترک بين هذه المسميات هو استخدام فکرة "التدليل العقلي" في مواجهة أي مشکلة وحلها بموضوعية .
وهناک تصنيفات عديدة لعمليات العلم من أبرزها تصنيف الرابطة الأمريکية لتقدم العلم "American Association for the Advancement Science" (AAAS) حيث حددت عمليات العلم بثلاث عشرة عملية وصنفتها على نوعين هما : عمليات العلم الأساسية ، وعمليات العلم المتکاملة. وتشمل عمليات العلم الأساسية ثمان عمليات هي : الملاحظة ، التصنيف ، القياس ، الاستنتاج ، التنبؤ ، الاتصال ، استخدام الأرقام ، استخدام العلاقات الزمنية والمکانية ، أما عمليات العلم التکاملية فهي أکثر تعقيدًا من عمليات العلم الأساسية ، وتشمل خمس عمليات هي : ضبط المتغيرات ، فرض الفروض ، تفسير البيانات ، التعريف الإجرائي ، التصميم التجريبي. ( حجازي ، 1997 ، 98 – 120) .
ويري (جيمس , 2004) ضرورة تضمين عمليات العلم في جميع المواد الدراسية وبشکل أکثر إلحاحاً في مادة الدراسات الإجتماعية إنطلاقاً مما تهدف إليه هذه المادة من تطوير القدرات العقلية , وإثارة تفکيرهم وتدريبهم على التحليل والمقارنة والتصنيف، وهذا ما أکدته الجمعية الوطنية للدراسات الاجتماعية
ويذکر Ketteringham 2007 ) )أن من أهم أهداف الدراسات الاجتماعية تنمية مهارات جمع، وتنظيم، وتفسير، وربط المعلومات، ومعالجتها، والتوصل إلى استنتاجات، وإيجاد بدائل لحل المشکلات، واتخاذ القرارات، وأن الدراسات الاجتماعية تتحمل المسؤولية في إعداد المتعلمين لتحديد المشکلات التي يواجهها المجتمع وفهمها وإيجاد الحلول لها . وتأتي البحوث والدراسات السابقة مؤيدة لعملية دمج مهارات التفکير العلمي في محتوى مناهج الدراسات الاجتماعية، إذ أوضحت دراسة کل من Wilen and Phillips ، 1995 )) ودراسة Event and Zinse (1998) ودراسة Fresman( 1996) أن المدخل الأکثر فاعلية في تعليم التفکير العلمي في مقرر الدراسات الاجتماعية هو دمج تلک المهارات في سياق المناهج التعليمية، کما أکد ميلز Miles ضرورة إحداث التکامل بين المحتوى التعليمي وطرائق التدريس مع عمليات العلم الأساسية داخل المناهج الدراسية، مما يلزم تفعيل عمليات تعليم التفکير في المناهج التعليمية وإعادة صياغة وهيکلة المناهج التعليمية في صورة جديدة ليتطور التعليم الفعال للطلاب ويقابل احتياجات المجتمعات المتطورة في الألفية الثالثة والقرن الحادي والعشرين) حبيب , 2007 , 135 , 155 ) .
وتأکيدًا على ما سبق ، ولتحقيق النجاح في سياق الأمم نحو النمو والتقدم ، لابد من جعل عمليات العلم جزءًا لا يتجزأ من مناهجنا التربوية ، ومن ممارستنا اليومية في المؤسسات التعليمية .
وتناولت العديد من الدراسات عمليات العلم وأکدت علي أهمية تنميتها لدى المتعلمين ، ومنها دراسة (أحمد , 2006م )أظهرت أنه يمکن تنمية مهارات عمليات العلم الأساسية في تدريس العلوم باستخدام نموذج أوجربايبي البنائي لتلاميذ الصف الأول الأعدادي حيث تم استخدام أشکال ورسومات في وحدة ( الصوت في حياتنا ) وذلک من خلال إختبار مهارات عمليات العلم .ودراسة (Jan , 2008 ) استخدمت الأنشطة البيئية والأشکال البيانية والرسوم المتحرکة البيئية في تنمية المفاهيم البيئية ومهارات عمليات العلم في تدريس العلوم لدي تلاميذ المرحلة المتوسطة بولاية کاليفورنيا الأمريکية , وإنتهت الدراسة إلي تحسن مستوي المفاهيم البيئية ومهارات عمليات العلم لدي التلاميذ. ودراسة ( kitjinda-Opas, et al.,2009 )إستهدفت تحري ومقارنة تاثير تعليم التربية البيئية مستخدماً دورة التعلم السباعية بإساليب الذکاءات المتعددة في التحصيل ومهارات العلم الأساسية وأسفرت نتائج الدراسة عن وجود فروق دالة إحصائياً لمقياس عمليات العلم لصالح المجموعة التجريبية .وإستهدفت دراسة ( السويدي ,2010م ) التعرف علي مستوي إتقان طلبة الصف التاسع الأساسي لعمليات العلم الأساسية بدمشق وتوصلت الدراسة إلي تدني مستوي إتقان طلبة الصف التاسع الأساسي لعمليات العلم الأساسية وهذا التدني يرجع إلي إسلوب التدريس التقليدي المستخدم. ودراسة (صالح, 2012م) إستهدفت معرفة فاعلية استخدام الخريطة الدلالية في تدريس العلوم علي التحصيل وإکتساب بعض عمليات العلم لدي تلاميذ الصف الأول الإعدادي , وکان من نتائج الدراسة فاعلية استخدام الخريطة الدلالية في تنمية التحصيل الدراسي وکذالک إکتساب عمليات العلم لصالح المجموعة التجريبية .