تزايدت أهمية تعليم وتعلم التفکير واستخدام العقل واستثماره بطرق ذکية للتماشى مع العصر وتغيراته وتحدياته وانفتاحه على الثقافات الاخرى ، فلم يعد تعليم واکتساب المعلومات الهدف الاهم لمواجهة متطلبات هذا العصر بل أصبح تعليم التفکير وممارسة مهاراته المختلفة هو الذى يحقق ذلک ، فمن الضرورى اکساب الطلاب مهارات التفکير وتعليمهم کيف يمارسوه فى حياتهم وحل مشکلاتهم ، حيث أصبح موضوع تنمية التفکير هو المؤشر الحقيقى True Indactorعلى وجود تعليم صحيح وسليم، لذلک فهناک العديد من التوجهات Orientations نحو الاهتمام بهذا الجانب فى الوقت الذى يعانى فيه التعليم من سيطرة التعليم التقليدى Traditional Learning القائم على فلسفة التلقين ، والتفکير مهارة يمکن تعلمها وتعليمها من خلال المناهج الدراسية ومفردات العملية التعليمية (إبراهيم بن عبد الله الحميدان، 2005، 135) .
وللتفکير ومهاراته أهمية کبيرة في إثارة النقد والمقابلة والتحقيق ووزن قيمة الأدلة وربط السبب بالنتيجة وإرجاع الحوادث إلى دوافعها الأصلية ، فالتفکير مهارة يمکن تعلمها وتعليمها من خلال المناهج الدراسية ومفردات العملية التعليمية ( منصور أحمد عبد المنعم ، 2008 ، 48 ) ، والمتعلم اليوم فى حاجة ماسة الى تنمية تفکيره السديد والتدريب على مهاراته کحاجته الى تعلم التعامل مع من حوله(Cooper J , 2002 , 11) .
وتعد مهارات التفکير الاساسية احدى مهارات التفکير المهمة واللازمة للنجاح الاکاديمى وهى نقطة البداية فى تعلم مهارات التفکير الاخرى التالية المتقدمة وتطويرها والارتقاء بها ، وتعرف بأنها مجموعة من المهارات الضرورية اللازمة لاية عملية تفکير منطقية ، وتتضمن مهارات أساسية قاعديةBasic Essential Skills ، ويستطيع أن يقوم بها المتعلمون (ثائر حسين ، 2007 ، 121) ، کما تعرف بانها الانشطة العقلية غير المعقدة ، وتتطلب ممارسة المهارات الدنيا من التفکير( صلاح صالح المعمار ، 2003 ، 63) .
وتتنوع مهارات التفکير الاساسية وتختلف باختلاف الاراء والتوجهات الفکرية والتربوية ، وتتمثل هذه المهارات فى العديد من المهارات مثل مهارات تحديد الأهداف Determining Objectives ، ومهارات اعادة الصياغة ، والمقارنة Comparison ، والتلخيص Summarizing ومهارة التفسير ، والتنظيم المعرفى Cognitive Organization ، وتحديد الافکار والعناوين والاستنباط والاستقراءInduction & Deduction ، ومهارات الملاحظة Observation ، ومهارات التطبيق Application ( عدنان العتوم واخرون ، 2005 ، 43) .
ولمهارات التفکير الاساسية وتنميتها أهمية بالغة فى العملية التعليمية فهى مهارات ضرورية لازمة لاية عملية تفکير منطقيةLogic Thinking ، وتتضمن مهارات أساسية قاعدية Basic Essential Skills تعد نقطة انطلاق لتعلم وتنمية مهارات أخرى أکثر تطورا وتقدما فى المستوى ( بندر الحازمى ، 2008) ، فهى تسهم فى تنمية قدرة المتعلم على تحديد الاهداف Determining Objectives، وتمکنه من القدرة على التفسير Interpreting ومعالجة المعلومات بطريقة منطقية ، ومن خلال مهارات التفکير الاساسية يمکن للمتعلم التمييزDiscrimination بين المعلومات والمقارنة بينها ، وتحديد أوجه الشبه والاختلاف بين المتغيراتVariables ، واسترجاع المعلومات (عبداللطيف حسين فرج ، 2005 ، 76) ، وتسهم مهارات التفکير الاساسية فى تنمية قدرة المتعلم على تنظيم المدرکات بطريقة ذات معنى Meaningful Method ودلالة وفق معايير معينة ، کما تمکن المتعلم من الربط المعرفى وتجاوز المعلومات المعطاة (Mccarthy T , 2009,72-77) .
ومهارات التفکير الاساسية من أهم العوامل Factors اللازم توافرها لدى الطلاب خاصة طلاب المدارس الفنية التجارية والزراعية والصناعية حيث انهم يرتبطون بالجانب المهنى الحرفى بدرجة کبيرة ويحتاج ذلک الى تعليم المهارات القاعدية للتفکير، حيث نجد انه ينقصهم مهارات التفکير الاساسية کتحديد الاهداف والقدرة على التلخيص والتطبيق Application ، والمقارنة ، فممارسة وتنمية هذه المهارات يمکن من خلالها التغلب على التاخر الدراسى Academic وضعف التحصيل ، ومن خلاله يتمکن الطلاب من اکتساب العوامل المسئولة عن الاکتساب المعرفى وتطويره لتنمية المهارات الاخرى والاداء الکلى Total Performance (مصطفى القمش ، وفؤاد الجوالدة ، 2012 ،103) ، وهذا ما أشارت اليه العديد من الدراسات التى اکدت على مدى اهمية تنمية مهارات التفکير الاساسية للمتعلمين مثل دراسات سعيد محمد (2003) ، صالح محمد الرواضية (2003) ، طلال عبدالله (2004 ) ، نواف مقبل (2002)، بهاء الدين الزهور ( 2008) ، هانى محمد عبيدات ، ومنى يونس (2010) ، صلاح طالح معمار ( 2015) ، ناديا سرور (2005) ، Cooper (2002) ، ابتسام محمد (2006) ، Mccarthy T(2009) ، Gray K (2002) وغيرها من الدراسات .
وتعد وجهة نظر المتعلم فى العوامل المؤثرة على سلوکه الاکاديمى أو على مستقبله أو المسئولة عنهما ، واذا ما کان يعزو هذه العوامل الى نفسه وعوامله الذاتية ، أو يعزو ذلک الى عوامل خارجية مهمة للغاية من الناحية التعليمية ، وهو ما يعرف بوجهة الضبط Locus Of Control ( 33-39 Arealan& Akin , 2014 , ) ، وهو متغير أساسي من متغيرات الشخصيةPersonality Variables يتعلق باعتقاد الفرد عن أي العوامل هي الأقوى والأکثر تحکماً في النتائج الهامة في حياته العوامل الذاتية Inner Factors من مهارة وقدرة وکفاءة أم العوامل الخارجية External factors مثل الاعتماد على الحظ والصدفة أو الظروف الدخيلة ، وهى العوامل التى تعکس کل من العوامل الشخصيةPersonal Factors الذاتية الداخلية والعوامل البيئيةEnviromental Factors الخارجية ذات العلاقة ولموضع الضبط أهمية کبيرة للتمکن العلمى والتحصيل الدراسى ومن الضرورى تنميته لدى المتعلم ( عبدالله محمد حسن ، 2016 ، 47-490 ) ، وطلاب المدارس الثانوية الفنية التجارية والزراعية والميکانيکية خاصة يحتاجون الى تدعيم جانب العزو الداخلى لديهم بدرجة کبيرة لضبط وتنمية عملية التعلم لديهم ، وزيادة دافعيتهم للتعلم وغرس عوامل الدافعية للانجاز لديهم .
ويلعب مرکز الضبط لدى المتعلم دورا کبيرا فى تحصيله الدراسى فقد وجد أن الطلاب مرتفعى التحصيل الدراسى لديهم ضبط داخلى مرتفع ، ومن الضرورى تحسينه وتنميته الى اقصى حد ممکن عند المتعلمن لرفع درجة التحصيل والمهارات المختلفة ، وهذا ما أشارت اليه العديد من الدراسات مثل دراسات عبدالله محمد (2016) ، نشوى محمد رفعت (2013) ، عاطف سالم (2003) ، ريهام رفعت (2016) ، Degla(2013) ، Samaneh (2013) ، Marela Ecaterna (2012) ، Saripah et al (2013) ، Emine Rong (2011) ، ووجد أن الطلاب الذين لديهم ضبط داخلى لديهم اتجاهات ايجابية نحو عملية التعلم وميول ايجابية وفعالية ذاتية کبيرة ، ووجد أن لديهم دافعية لعملية التعلم ، هذا بالاضافة الى ان تنمية هذا الجانب الداخلى هدف اساسى من أهداف المدارس الثانوية بمختلف انواعها ومجالاتها ( Madiha & Lubna , 2016263-274) .
ويعد اليأس واحدا من الاضطرابات النفسية الشائعة فهو أحد الامراض التى لوحظ زيادة انتشارها فى العصر الحالى واصبحت ضمن قائمة طويلة يطلق عليها أمراض العصر ، حيث تشير الاحصائيات التى صدرت من منظمة الصحة العالمية إلى ان ما يقرب من 10% من سکان العالم يعانون من الشعور باليأس (ياسر هيمتى ، وجاسم التميمى ، 2014 ، 44) ، وطلاب المدارس الفنية لديهم درجة عالية من الياس بالاضافة الى ان احساسهم بالدونية کونهم تعليم فنى وليس ثانوية عامة وادراک أکثرهم انهم لا يستطيعون التقدم وعدم القدرة على الانجاز Achievement المتکررة يؤدى الى تعزيز شعور الياس لديهم ( عبدالسلام الشبراوى ، 2005، 106-121) ، وقد يرجع ذلک الى نظرة المجتمع السلبية للتعليم الفنى ، والفرص التعليمية الجامعية المحدودة لديه ، وضعف امکانية وجود فرصة عمل له فيما بعد ، ومن الضرورى خفض درجة الياس لديهم للتمکن من تحسين وضعهم الدراسى والارتفاع بمستوى التحصيل الاکاديمى لديهم کما اشارت الى ذلک العديد من الدراسات مثل دراسات منى ابوشنب (2017) ، وعماد محمد أحمد (2003 )، والفرجانى السيد محمود (2005 )، وابراهيم ابوزيد (2009) ، وغيرها من الدراسات .
وتعد منشطات الادراک من الطرق التى ثبت فعاليتها فى التعامل مع مختلف أنواع التعليم العام والفنى لانها ترتبط بالمهارات الاساسيةEssential Skills الخاصة بالاکتساب والاستيعاب والذاکرة ، وتشير الى مجموعة من الاساليب والخطط التى تساعد المتعلم على ربط المعلومات الجديدة وغير المالوفةAbnormal بکلمات وافکار وتصورات مالوفة ثم تنظيمها ومعالجتها (عماد عبدالرحيم ، 2012 ، 122) ، وتعد منشطات الادراک معينات عقلية تعتمد على الرمزSymbol ، واللغة Language، والاشکال Shapes، والصورPictures ، فى تسهيلها لعملية التعلم ، وتنطلق منشطات الادراک من مفاهيم النظرية الادراکية المعرفية Cognitive Perceptual Theory Concepts ، ونظرية خزن المعلومات التى تشيرا الى ان المتعلم نشيط يملک ذاکرة قادرة على اکتساب المعلومات وتنسيقها وتنظيمها وتبويبها ، وربطها بالمعلومات السابقة المخزونة فى ذاکرته ( عدنان يوسف العتوم ، 2010 ، 61) .
وتسهم منشطات الادراک فى تنمية التحصيل الدراسى عند مستويات عقلية مختلفة دنيا وعليا مثل مستويات التذکر والفهم والتطبيق Application والتحليل Analysise والترکيب وتنمية مهارات مختلفة من التفکير کالاستنتاجInffering والتفکير الناقد Critical Thinking، وتنمية الاتجاهات الايجابية نحو المادة العلمية وتعزيز الميل نحوها ( فاضل جبار جودة ، 2004 ، 112) ، وقد أکدت دراسات عديدة على ان منشطات الادراک تسهم فى تنمية المهارات العقلية والانفعالية والنفس حرکية مثل دراسات محمد حسين على (2011) ، هناء ابراهيم (2009) ، قحطان فصل (2008) ، عباس على (2010) ، فاضل جبار(2004) ، ابراهيم محمد (2002) ، کريم عبيس (2016) ، Steven (2009) , Walter (2007) , Salmons (2011) وغيرها من الدراسات ، ويحتاج المتعلم لمنشطات الادراک بدرجة کبيرة للتمکن الاکاديمى واکتساب المهارات التى من خلالها يتعلم کيف يتعلم کالقدرة على تحديد الاهداف والترکيز على الافکار الرئيسية Basic Ideas ( أروة محمد ربيع ، 2012 ، 87 ) ، والعناوين البارزة وتکوين أسئلة لتوجيه عملية التفکير ، فالمتعلم فى حاجة ماسة لتعلم کيف يحدد الهدف ، وکيف يطرح سؤال معين ، ويکون خريطة مفاهيمConceptual Map ويقوم بعمل تلخيصات قوية ، وکيفية اعادة الصياغة للافکار المختلفة ، فمنشطات الادراک تسهم فى تنمية هذه المهارات المهمة ( هناء ابراهيم ، 2009، 76) .
وترتبط منشطات الادراک بمهارات التفکير الاساسية ارتباطاً وثيقا ، فمنشطات الادراک تتضمن العديد من المهارات التى منها تحديد الاهداف ، ووضع الاسئلة ، والمنظمات المتقدمة ،والملخصات واعادة الصياغات ( ماهر شعبان ، 2010 ، 43) ، ( محسن على عطية ، 2010 ، 113) ، وهى عبارة عن مهارات تفکير اساسية تعمل على توجيه بؤرة الانتباه وتدعم وتعزز الترکيز والتوجه الذهنى Mental Orientation وتطور اليقظة العقلية والانتباه للمتعلم ، فمهارات التفکير الاساسية من بينها تحديد الاهداف ، ووضع الملخصات البسيطة ، وتحديد اسئلة للنصوص العلمية والاجابة عنها (سعيد عبدالله لافى ، 2006 ، 47) ، (هانى محمد عبيدات ، ومنى يونس ، 2010 ،1-11) ، کما ترتبط المنشطات بموضع الضبط لدى المتعلم فکلما کان موضع الضبط خاصة الداخلى عال کلما اذدادت قدرة المتعلم على ممارسة واتقان منشطات الادراک والعکس ، وبالتالى يؤثر ذلک على عامل الياس فينخفض نتيجة تمکن المتعلم من العوامل المسئولة عن اکتساب المعرفة ورفع معامل الضبط الداخلى لديه ، کما ان منشطات الادراک من خلال اکسابها للمتعلم تنمى لديه تحمل المسئولية وصقل العوامل الداخلية وتنمية قدرته على الانجاز ما ينمو ضبطه الداخلى والحد من ضبطه الخارجى ، وبالتالى يذداد ادراک المتعلم بانه يستطيع الانجاز والاکتساب وتذداد لديه الدافعية ويتقلص الشعور بالياس .
والدراسة الحالية تحاول أن تتعرف على أثر منشطات الادراک فى تدريس مقرر " الادارة والتوافق النفسى " على تنمية بعض مهارات التفکير الاساسية ووجهة الضبط وخفض الياس لدى طلاب الصف الخامس الثانوى التجارى بالمرحلة الثانوية التجارية ، خاصة وأن الباحث لم يجد دراسات استخدمت منشطات الادراک خاصة فى تدريس مقرر" الادارة والتوافق النفسى " لدى هؤلاء الطلاب ، وندرة فى تنمية المتغيرات التابعة السابقة من خلال منشطات الادراک ، ومن هنا تتلخص مشکلة الدراسة فى السؤال الرئيسي التالي: ما أثر منشطات الادراک فى تدريس علم النفس على تنمية مهارات التفکير الاساسية ووجهة الضبط وخفض الياس لدى طلاب الصف الخامس الثانوى التجارى بالمرحلة الثانوية التجارية