يشهد العالم المعاصر مجموعة من التطورات العلمية المتسارعة في مختلف المجالات أنعکس تأثيرها في مناحي الحياة المتعددة عامة، ومنها المدرسة خاصة بوصفها مؤسسة اجتماعيّة, فنادى التربويّون إلى الإستفادة من مستجدّات العصر الحديث ونهضة الواقع العملي في التربية, وتطورت وسائل وطرق ومعلومات المؤسّسات التعليمية لمواکبة المستجدّات والتهيئة للناشئة للالتحاق بها, والمساهمة الفاعلة في اطراد تقدمها ولکي تغدو البيئة الصالحة للحصول على الخبرة والمهارة لممارسة الشئون الحيايتة بکل سهولة .
وتحقيقاً للأهداف کأنت الدعوات لتطوير العمليات التعليمية والتربويّة لتشکل مضمون وأهداف العملية التربوية وأصبحت الوسيلة التربوية لإجراءات التغييرات المنشودة بواسطة المناهج المدرسية لما تتضمنه من المعارف والمهارات والاتّجاهات والقيم المنسجمة مع الخصائص للمتعلم, والطموحات للمجتمع, متخذين الفلسفة التربويّة المتجدّدة حيث تعد المناهج کائنات متجددة مع تجدد الحياة .
وتعد الرياضيات من أکثر المناهج تأثيراً في التغيرات المعاصرة وتاخذ أهميتها النسبيه من مجتمع لآخر تبعاً لتقدم هذا المجتمع واهتمامه بالتعليم والتعلم ومنافسته للدول المتقدمة لخوض غمار المنافسات الدولية في الرياضيات والمسابقات الدولية الأخرى فضلا عن رغبة ذلک المجتمع في النهوض بأفراده في شتى المجالات.
وعمدت المملکة العربية السعودية على تطوير مناهج الرياضيات بالتعاون مع شرکة ماجروهل، وقدمت للطلاب مناهج مترابطة تراعي استعداداتهم وميولهم وتؤکِّد على أهميّة تفاعلهم مع المنهج بما يضمن أن يکون التعلم مرتکزاً حول الطالب .
ولم تغفل أيضا تحقيق الأهداف التربوية والتدريسية، من أهمها التحصيل والقدرة على الخروج بحصيلة معرفية ومهارية ووجدأنية تکون عونا للطالب لمواجهة المشکلات بشکل عام وما يخص المادة بشکل خاص، وتقديم القيمة المضافة التي تجعلنا نقول أن هذا المنهج قد حقق أهدافه المرجوة على مختلف المستويات .
والواقع يؤکد ضعف الطلاب في التحصيل وعدم قدرتهم لاستيعاب الکثير من مواضيعها وعـدم تمکنهم من أساسياتها، لذلک يقبل الطالب في المراحل الدراسية الأولية على اکتساب التعليم والمهـارة، ويتولَّد لدى المتعلم ثقافة التنافس مع أقرأنه في الصفوف الدراسية ليصبح مستواه أفضل، وتزيد عنده الرغبة في التعليم والقدرة لتحقيق المکأنة الاجتماعية بين أقرأنه في المدرسة لتميزه، مما يدفعه إلى رغبة القيام بجهد ممتاز، للنجاح فـي مجاله، وهي رغبة يعرفها (مکليلأند) بأنها تمتاز بطموح واسـتمتاع فـي المواقف للمنافسة، وکذلک رغبة جامحة في العمل بصورة مستقلة، لمجابه المشاکل وحلولها. (عدس و توق، 2001) ، ويؤکد الواقع أيضا ظهور عادات غير مألوفة تتمثل بمشکلات عدم جدِّيّة الطلبة في المذاکرة والاهتمام بالدراسة وزيادة نسبة التدريس الخـصوصي وأنخفـاض التحصيل في دروس الرياضيات التي لا تحتاج فقط للمذاکرة بل الترکيز والتفکير، وأيضا الشکوى المستمرة لأولياء أمور الطلبة والمعملين والطلبة أنفسهم،حيث يتهم المـدرس الطلاب بالضعف في الفهم والتمکن من أساسيات الرياضيات في المراحل السابقة، وتعتبر الرياضـيات من المواضيع التراکمية حيث يعتمد التعلم اللاحق على التعلم السابق.
ومادة الرياضيات وما يلتحق بها من التحصيل تجد الاهتمام المتزايد مـن قبل الآباء والمعلمين، ويعتقد اهتمام المجتمع وارتباطه بالتحصيل للرياضيات بالمقدرة على تفکير الطالب لحل المسائل، وتعد الرياضيات جأنب من جوأنب التفکير المجرد لاعتمادها على الرموز المحاسبية، وهي تعمل على تدرب المتعلم على طرق حل المشاکل باعتبار مسائل الرياضيات من المشاکل الحقيقية أو الافتراضية لذلک فـأن من قام بوضع المناهج في الرياضيات واختصاصي الطرق والأساليب في التدريس الذين أکـدوا بأن للرياضيات الأسلوب التفکيري الذي يعتبر الفهم والإدراک للعلاقات واستدلالها من تفکير حل المشاکل، لاعتماد الأسلوب للاکتشاف وللمناقشة لايجاد حل المسأله (علاونه 2002 ،88).
ومن الأهداف الأخرى التي يسعى منهج الرياضيات لتحقيقها هو الإتجاه نحو المادة فمعرفة الاتجاهات والميول ضرورية لکل من يشرف على جماعة من الناس، حتى يوجههم ويحفزهم على التعلم ، فقد ذهب جيف جي (2006) إلى أن الاتجاهات الإيجابية للفرد تقرر مدى نجاحة في حياته على المستويين المهني والشخصي فإذا کأنت لدينا اتجاهات ايجابية نحو عملنا، فأن هذا سيدفعنا لمحاولة التغلب على کل المعوقات والإحباطات التي قد تواجهنا وتعوق نجاحنا في هذا العمل ، أما إذا کأنت اتجاهاتنا سلبية نحو العمل فأننا نعطي فرصة لأنفسنا لتـبنبي أکبر قد من الاحباطات التي من شأنها أن تجعلنا نفشل في أداء هذا العمل (ص59-60)، والاتجاه يعرف بأنه "الاستعداد العقلي العصبي الذي يتکون نتيجة الخبرات والتجارب التي يمر بها الفرد لاتخاذ مواقف بالرفض أو القبول تجاه قضايا أو أشخاص أو أماکن" ( عسکر،2000: 129) والتعلم يصبح له ثمار إذا کأنت للمتعلم الدوافع.
وقد يکون الضعف في التحصيل والاتجاه سببه خلل في الطريقة التي يتم بها تعلم الرياضيات والجو العام المصاحب لذلک خصوصا مع ظهور فلسفات متعددة يعد کل منها أساس لعدد من الطرق المستخدمة في التدريس ومنها النظرية البنائية التي ابنثقت منها عدة نماذج مثل نموذج ويتلي ونموذج فايف وغيرها من النماذج.
وبناء على ما سبق سيکون بإذن الله موضوع البحث حول أثر استخدام أنموذج (فلاينج) في تدريس مادة الرياضيات على التحصيل والاتجاه.