تطالعنا الفنون فى عصرنا الحديث بکل ما هو جديد وغريب وغير متوقع، فنجدنا فى کثير من الأحيان غير قادرين على
تحديد انتماء عمل فنى ما لنوع بعينه من الفنون، أو إلى لون معروف من ألوان وصنوف الإنتاج الفنى، الأمر الذى يُشکل
تحديًا عند محاولة فهم أو تحليل أحد تلک الأعمال الفنية الحديثة، والتى تتحدى تلک التصنيفات المسبقة، وتتخطى کافة الحدود
القائمة بين نوعًا ما من الفن وآخر.
وعلى الرغم من أن تصنيف الفنون کان ولا يزال محل جدل، وموضوع شغل العديد من المفکرين والفلاسفة والأکاديمين، بل
والمهتمين بالفنون بشکل عام منذ العصور القديمة وحتى اليوم، إلا أن ظهور التکنولوجيات الرقمية الجديدة وما نتج عنها من
إبداعات فنية غير مسبوقة، شکل تحد يًا جديدًا لم يکن فى الحسبان.
ويفترض هذا البحث أن التصنيفات الحديثة للفنون غير قادرة على استيعاب هذا الکم الکبير من الأعمال الفنية الرقمية الحديثة
التى اختلفت أشکالها وتنوعت وتداخلت مع غيرها من الفنون المعاصرة. ويستعرض من خلال المنهج التاريخى منشأ مختلف
تصنيفات أشکال الإنتاج الفنى وبخاصة فن التصوير وذلک فى محاولة لفهم الموقع الذى تشغله الفنون التى تستغل – –
الوسائط الرقمية الجديدة بين غيرها من الفنون على الساحة الفنية العالمية فى واقعنا المعاصر، وأثر مثل تلک التصنيفات فى
فهم وتحليل مختلف الفنون الرقمية الحديثة.
ويعتبر تغير المشهد العام للفنون فى العصر الحديث بدخول التکنولوجيات الرقمية الحديثة، بجانب اختفاء الحدود الفاصلة بين
مختلف أشکال الإبداع الفنى، وقصور التصنيفات الحديثة فى وضع إطار واضح يضم مثل تلک الأشکال الفنية الرقمية
الحديثة، وبالتالى الحاجة إلى وضع تصنيف موضوعى يمثل العصر الحالى بما يحمله أشکال فنية معاصرة، من أهم النتائج
التى توصل إليها البحث.