تواجه المنظمات في الوقت الراهن تحولات کبيرة وتحديات غير مسبوقة طالت شتى مناحي العمل الإداري والتنظيمي وجوانبهما، وأساليب إدارة سلوکات الأفراد في مختلف المستويات؛ وذلک سعياً منها لجعل موظفيها أکثر تکيفاً في الاستجابة لهذه المتغيرات من جانب، وجعل هؤلاء الأفراد أکثر ارتباطاً والتصاقاً برسالة المنظمة من جانب آخر، وأن تکون سلوکاتهم منصبة على تحقيق أهدافها؛ إيماناً منها بأن العنصر البشري هو حجر الزاوية في العملية الإدارية، والمورد الأهم من بين الموارد التي تعتمد عليها تلک المنظمات في تحقيق أهدافها وغاياتها.
وقد رکز الفکر الإداري والسلوک الإنساني المعاصر على الاستفادة من البحوث والدراسات العديدة التي تدرس سلوکات الأفراد داخل المنظمات، وفي مقدمة تلک السلوکات حظي مفهوم التماثل التنظيمي باهتمام واسع النطاق على صعيد الدراسة والبحث العلمي؛ لما له من مزايا إيجابية وفعالة للمنظمة، کالانسجام بين قيم المنظمة وأهدافها، وقيم الفرد وأهدافه، ورفع مستويات الولاء والانتماء لدى الأفراد تجاه منظماتهم.
ويُعَدُّ التماثل التنظيمي من الموضوعات التي رکزت على علاقة الموظف بمنظمته، حيث يُعَد فووت Foote أول من تحدث عنه عام 1951م، إذْ يرى التماثل التنظيمي أساساً لتحفيز العاملين، ويدعم شعورهم بالهوية والانتماء والولاء للمنظمة، وتصور الفرد لذاته کونه عضواً في المنظمة يدافع عنها ويحقق أهدافها (ابراهيم والقتبي، 2017).
ويشير البشابشة (2008) أن التماثل التنظيمي يُسهم في تحسين مکانة المنظمة في المجتمع ورفع قدرتها التنافسية، فالموظف الذي يتماثل مع منظمته يدافع عنها أمام المجتمع، وأمام المنظمات الأخرى، ويبذل أفضل ما لديه ليحقق أهدافها، وهذا يُسهم في جعل مخرجات المنظمة تتميز بالجودة والقدرة على المنافسة.