شغل موضوع الصورة الفنية حيزا کبيرا في الدراسات النقدية والأدبية ، وهناک بحوث سابقة عن الصورة الفنية في الشعر العربي عامة ، وفي الشعر الجاهلي ، وفي شعر بعض الشعراء خاصة [1] وقد اقتصرت بحوث القدماء وکثير من المحدثين على ما يعرف بعلم البيان ، وانشغلت الدراسات البلاغية بالصور الجزئية کالتشبيه والاستعارة والکناية والمجاز ، أما الصورة الفنية في النقد الحديث فهي تتجاوز هذا الفهم إلى ما هو أبعد من ذلک ، حيث تتناول صورة العالم الخارجي ، وصورة العالم الباطني ، وتنشئ علاقات وطيدة بين النص والموروثات الثقافية والعقدية والميثولوجية للبيئة التي عاشها المبدع . وليس ضروريا أن تشتمل الصورة على ألوان بيانية ، فربما تکون الألفاظ فيها على حقيقتها ، وفي ذلک يقول دکتور محمد غنيمي هلال : " والوصول إلى هذه الصورة قد يکون بنظم الألفاظ وحدها ؛ وذلک إذا کان الکلام جاريا على الحقيقة "[2] وعلى هذا فإن المفهوم الجديد للصورة يعتبرها عبارات حقيقية الاستعمال, ومع ذلک فهي تشکل صورة دالة على خيال خصب, ويستخلص من الاتجاهات الحديثة المتعددة نظرة متکاملة للمفهوم الجديد يتبناه، فالصورة تشکيل لغوي، يکوّنها خيال المبدع من معطيات متعددة، في مقدمتها العالم المحسوس . وقد استوقفتني الصورة الفنية في القرآن الکريم کثيرا ، فحاولت أن أستکنه أسرار الألفاظ ، وأبحث عما وراء الآيات من دلالات تتجاوز حدود الظاهر ، مما عجز عن الوصول إليه الشعراء ، ومما دفع العرب إلى أن يتهموا القرآن تارة بأنه شعر ، وتارة بأنه سحر ، وأخرى بأنه أساطير ، وما ذلک إلا لأنهم عجزوا أمام صوره العظيمة ، وأدرکوا مدى سمو ذلک الوحي المنزل عن أن يأتي به بشر .
([1]) انظر على سبيل المثال :د / نصرت عبد الرحمن :الصورة الفنية في الشعر الجاهلي في ضوء النقد الحديث ، مکتبة الأقصى ، ط 2 ، 1402هـ / 1982م - د / نعيم اليافي : تطور الصورة الفنية في الشعر العربي الحديث  - سعد أحمد محمد حاوي : الصورة الفنية في شعر امرئ القيس : ، دار العلوم للطباعة والنشر ، 1983م - عباس محمد رضا : الصورة الشعرية عند النابغة الذبياني ، رسالة ماجستير ، کلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1987م - د / سعيد حسون العنبکي : جماليات تلقي الصورة الشعرية في القصيدة الجاهلية : ، بحث بمجلة الأستاذ ،ع 206 ، 2013م .