يعد نموذج القياس المتوازن للأداء من أهم الآليات الحديثة لقياس وتقويم الأداء، کونه ومع العديد التغييرات التي طرأت عليه، ومراحل التطور التي مر بها، لم يعد فقط مجرد أداة من أدوات القياس والتقويم، بل أصبح نظاما متکاملا للإدارة الاستراتيجية. على الرغم من المزايا العديدة التي يحققها نموذج القياس المتوازن للأداء إلا أنه لم يحقق النتائج المتوقعة منه في العديد من المنشآت التي قامت بتطبيقه، وذلک بسبب عدم توافر المقومات الأساسية اللازمة لذلک على الوجه الأکمل. يحتاج التطبيق الناجح لنموذج القياس المتوازن للأداء إلى توافر مقومات أساسية تتمثل في ثقافة تنظيمية ومناخ تنظيمي يشکلان بيئة عمل تقوم على التعاون، والمشارکة، واحترام الغير، واللامرکزية في اتخاذ القرارات، وتفويض السلطات والصلاحيات للمستويات الإدارية المختلفة، ويمکن من خلالها تضييق الفجوة بين خطط واستراتيجيات الإدارة العليا، وبين الأعمال التنفيذية اليومية التي تقوم بها المستويات الإدارية التنفيذية، بحيث يصبح تطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء هو المهمة اليومية اتي يقوم بها کل فرد داخل المنشأة. يمکن الاستعانة بأحد المداخل السلوکية والتنظيمية لتوفير المقومات الأساسية اللازمة لتطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء. يعتبر أسلوب التحليل التفاعلي من أهم المداخل السلوکية والتنظيمية التي يمکن الاعتماد عليها في توفير المقومات الأساسية اللازمة لتطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء، فمن خلال هذا الأسلوب يمکن تحليل وتقييم سلوکيات الأطراف المختلفة المشترکة في تطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء، والوقوف على مدى انضباط العلاقات التنظيمية فيما بينها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتضييق الفجوة الإدارية والتنظيمية بين هذه الأطراف، وتوفير الثقافة التنظيمية والمناخ التنظيمي اللازم لتطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء. هدفت هذه الدراسة بشکل أساسي إلى اختبار تأثير التحليل التفاعلي على تطوير آليات تطبيق نموذج القياس المتوازن للأداء، وذلک على عينة تکونت من 113 عاملا من مواقع وقطاعات تنظيمية مختلفة في 6 بنوک إسلامية کبرى باستخدام نموذج انحدار متعدد Multivariate Regression Analysis، وقد أظهرت نتائج الدراسة وجود تأثير هام وجوهري لأسلوب التحليل التفاعلي المطبق داخل کل بنک من بنوک الدراسة على درجة الالتزام بآليات التطبيق العملي لنموذج القياس المتوازن للأداء.