الملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى الإسهام في التأريخ لأدب الرحلات الحجية إنطلاقا من المغرب الإسلامي باتجاه المشرق الإسلامي، ولا نريد لإسهامنا هذا أن يتوخى سبيل الإحصاء والاستقصاء لمتن هذه الرحلة الحجية بتفاصيلها، ففي الإمکان أن يقف القارئ على ذلک عند الدراسات التاريخية والأدبية السابقة ولها - فضلاً عن فضيلة السبق- مزية الاستقراء الشامل ما يکاد يکون کذلک، بل نطلب التماس تقريب صورة هذه الرحلة من خلال الترکيز على بعض ما قد يفيد الباحث المختص في المجال الجغرافي والتاريخي والاجتماعي والاقتصادي.
وتکمن أهمية الموضوع في قيمة المخطوط بحدِّ ذاته، إذ يعتبر من أهم المصادر المحلية التي سلَّطت الضوء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في توات وغيرها من الأقطار الإسلامية وعلاقتها بالأقاليم المجاورة کمصر والحجاز وبعض حواضر المغرب الإسلامي، حيث ترصد هذه الوثيقة المخطوطة نموذجاً حياً عن النشاط العلمي والديني والاجتماعي والاقتصادي...في مختلف المراکز والمدن الفاعلة وقتذاک، وکمحاولة للفت انتباه المؤرخين والأدباء وذوي الاختصاص إلى أهمية هذه الرحلة جاءت فکرة الاستفادة من هذه المخطوطة النادرة التي تتحدث عن وقائع شاملة وحقائق يندر أن تعثر لها على شبيه في عصرها – قلت وکمحاولة لذلک- ارتأيت معالجة بعض جوانب المخطوط اختصاراً بعد العناية به وتحقيقه والتعريف بمؤلفه.
وفي ختام هذه الدراسة استنتجنا أن رحلة الشيخ عبد الرحمان التنيلاني من توات إلى مکة مروراً بالصحراء الليبية والبلاد المصرية وحواضر الحجاز؛ رحلة لا تخلو من فوائد تاريخية وجغرافية واجتماعية واقتصادية هامة، وأن صاحب الرحلة لم يکن يُقدم وصفًا تقليديًا للمناطق التي زارها وإنما حاول على قدر الإمکان تقديم معلومات دقيقة، أکثر توصيفية ظهرت فيها لمسته العلمية والفکرية من خلال المواقف التي تبناها.