جاءت المسيحية بصورة مثالية للزواج باعتباره رباط مقدس تم بمشيئة الله ومبارکته بين الطرفين ولا انفصام لعراه، واصطدمت هذه النظرة المثالية بالواقع الفعلى في المجتمع البيزنطي؛ لوجود بعض الحالات التي توجب الطلاق، وفسخ عقد الزواج وتحول دون استمرار العلاقة الأبدية بين الزوجين، وبطبيعة الحال اختلفت وجهتي نظر کنيستي القسطنطينية وروما في هذه المسألة ولا سيما أنها ارتبطت بمسألة تکرار الزواج ومدى مشروعيته من عدمه، ويسعى البحث إلى دراسة طلاق البونا جراتياbona gratia في النصوص القانونية بداية من القرن الرابع الميلادي حتى القرن الحادي عشر الميلادي؛ بهدف تسليط الضوء على مفهومه ورصد مقدماته التشريعية المتمثلة في تشريع الطلاق المسبب ومناقشة جميع حالات البونا جراتيا التي أباحها المشرع والضوابط القانونية لکل حالة على حدة وکذلک تتبع التطور التشريعي لتلک الحالات من حقبة لأخرى، وکذلک التعرف على الواقع الفعلى لممارسته في المجتمع البيزنطي ومعالجة نماذجه في الشواهد المصدرية، هذا فضلاً عن محاولة الإجابة على عدد من التساؤلات المهمة، منها: ما النتائج القانونية المترتبة على الزوجين عند توقيع هذا النوع من الطلاق؟ وهل تضمنت جوانب للتمييز بين الأزواج والزوجات في الضوابط القانونية لکليهما وإجراءات توقيعه؟! وهل اختلفت تلک الإجراءات باختلاف سبب الطلاق؟ وما موقف الکنيسة حيال بعض نماذج الممارسة الفعلية لطلاق البونا جراتيا في القصر الإمبراطوري؟!