إن التحول في وتيرة التحضر التي تشھدھا الجمھورية حاليا نتيجة اندماج مناطق الدولتين في دولة واحدة واکتشاف النفط واتجاه الھجرة إلى بعض مراکز الاستقطاب الحضري نتج عنه تحول عمراني کبير وغير متوازن، وکان لغياب استراتيجية واضحة طويلة المدى لتوجيه التنمية العمرانية اثر في تکدس الاستثمارات في المدن الکبرى وظھور مدينة واحدة مسيطرة، وکان ذلک تحديا للتنمية العمرانية خاصة وان الجمھورية اليمنية حاليا تتسم بکبر المساحة وانخفاض مستويات الکثافة السکانية في بعض مناطقھا مع وجود تفاوتات في التنمية العمرانية واختلال في التوزيع المکاني للتجمعات في الدولة الموحدة.
وظھرت الحاجة إلى صياغة استراتيجية ملائمة للدولة اليمنية تستھدف تحقيق التکامل بين أجزاء الحيز العمراني المکاني للدولة وخاصة بين أقاليم الساحل ذو الامکانات المتعاظمة والمساحات الشاسعة وأقاليم الداخل ذو الکثافات السکانية العالية والموارد المحدودة، وکذا تخفيف حدة الفوارق والتفاوتات الإقليمية في مستويات التنمية العمرانية بين مناطق الدولة المختلفة، وتحقيق اکبر قدر من العدالة في توزيع الخدمات والمرافق والفرص الاقتصادية بين المواطنين والمناطق المختلفة، وجذب السکان من مناطق ومدن أقاليم المرتفعات إلى مراکز حضرية جديدة ذات مقومات تنموية واستثمارية متعاظمة. اتبع البحث المنھج الاستنباطي التحليلي من خلال دراسة الجانب النظري للاستراتيجيات المماثلة وتحليل وضع التوزيعات المکانية والسکانية الراھنة في الأقاليم المختلقة، ثم استنباط الحلول، وقد توصل البحث إلى مجموعة من النتائج کخلاصة لصياغة استراتيجية ملائمة للتنمية العمرانية للدولة.