تشهد إعداد المخططات الإستراتيجية للمستويات الإقليمية طفرة في مصر، ترتبط بالتغيرات الإقتصادية التي تمر بها مصر، والتي أدت إلى تدارک أهمية المستوى الإقليمي في عملية التنمية. طرح قانون البناء 119 المستويات التي تعد لها مخططات استراتيجية من مستوى قومي ومحافظات، ومخططات استراتيجية للمدن والقرى. ولم يتضمن ذکر مستوى المراکز والمستويات البينية الأقل الذي يضمه بإعتبار أن مخططات المدن والأحوزة العمرانية المنظمة للنمو العمراني للقرى، ومقترحات المشروعات المحلية کافية لإحداث تنمية. وغاب عن مفهوم التخطيط الإستراتيجي في القانون التکامل بين مستوى المدينة ومرکزها الإداري وکقلب لتنمية المناطق والتجمعات الريفية فيه. ومن الفجوات المنهجية أيضاً أن دليل العمل المرجعي للمحافظات لا يهتم بدراسة المراکز الإدارية وإنما يکتفي بتوزيع المقترحات من الأنشطة الإقتصادية والخدمات الإقليمية على المراکز أثناء إعداد المخططات، الأمر الذي ينتج عنه فجوات في الربط بين المشروعات الإقليمية وتأثيراتها على مستوى المراکز، إلى جانب عدم دراسة أوجه التمايز أو الإختلافات في التعامل مع مدن المحافظة في توزيع المشروعات.
تأتي أهمية البحث في طرح أسلوب منهجي لتنميط المراکز کموجه للمخططات الاستراتيجية على مستوى المراکز الإدارية. وأهم خطوات التنميط هو فهم طبيعة إقليم المدينة وهو الوحدة التخطيطية المقابله للحدود الإدارية ويبنى على فهم طبيعة العلاقة بين المدينة وظهيرها الريفي. عملية التنميط لها معايير قياس مختلفة طرحت في التجارب والأدبيات العالمية ، يرکز البحث منها على استقراء استقرار السکان لمدينة المرکز الإداري نتيجة حراک سکاني من خارجها وحراک داخلي في ظهيرها. لذلک استهدف البحث استقراء الإستقرار والحراک السکاني لسکان الحضر بين المدن المصرية لتنميط أقاليمها، أسباب التناول على المستوى القومي لأن حراک سکان الحضر يتم نتيجة العلاقات التشابکية بين المدن في النظام القومي کنتيجة لسياسات التنمية المختلفة على جميع المستويات لمرکزية الدولة ومرکزية النظام العمراني الحضري، لذلک إذا تم التدخل بسياسات لأقاليم المدن بإعتبارها جزء من المنظومة القومية سيتحقق دور المدينة في إقليمها وعلى المستوى القومي وخاصة أن هناک مستويات من أقاليم المدن ذات أهميات مختلفة على المستوى القومي والإقليمي.
فکرة إقليم المدينة ظهرت في الأدبيات العالمية کبعد عمراني وعلاقات تبادلية بين وظائف المدينة والتجمعات الأقل في ظهيرها مع نظرية المحلات المرکزية Central Place Theoryمن خلال العالِم Walter Christaller، وتنامى مفهوم إقليم المدينة مع زيادة التحضر للمجتمعات وظهور أنماط جديدة من التجمعات الحضرية، منها ما يلعب دور المرکز الصناعي، والمدن العالمية، ومدن مراکز الأعمال. جميعها قدمت نماذج مختلفة من شکل العمران وشکل العلاقات التبادلية بينها وبين ظهيرها المباشر وغير المباشر، أصبح مفهوم الإقليم ومکوناته وحدوده تختلف بإختلاف الممارسات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية. وتحولت العلاقة في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين من فکرة التدرج الهرمي من المدينة إلى التجمعات الريفية في محيطها ودور المدينة کمرکز الأنشطة الحضرية، إلى مفهوم الإقليم الحضري الممتد يضم مزيجًا من الأراضي الزراعية ومراکز التسوق والأنشطة الخدمية ومناطق السکن. تحرک عمران وأنشطة المدينة لخارج حدودها أعطى فرصة وصول الطرق والبنية الأساسية إلى المناطق النائية في الظهير، ومع إختلاف مستويات الدول الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، إختلفت ممارسات التخطيط والتنمية في المدن وانعکس بصورة مباشرة على ظهيرها. الاختلاف في مکونات أقاليم المدن دعى الباحثين إلى اختبار مفهوم إقليم المدينة وإعادة التنميط واختبار الحدود، ومن هنا تأتي ضرورة موضوع البحث في إيجاد معايير يمکن استخدامها في دراسة وتنميط أقاليم المدن في ظل غياب المفهوم من الأساس في الحالة المصرية ، والإعتماد على الوحدة الإدارية کأسس لوضع مخططات التدخل المختلفة.
The Law of 119 has aligned the strategic planning as an important approach to formulate the
national, governorates, cities and villages plans. But the law did not include the city-region level
and its sub-levels, given that the proposed plans are regulated with the "Haize" to control the
urban growth, and local projects are sufficient to bring out development. The strategic planning
methodological process showed a gap in terms of the spatial distribution of the economic
activities and regional services; an imbalance between populated areas, and insufficient needs.
Therefore, the paper will address the classification criteria of city-regions based on the
understanding of the nature of the relationship between the city and its rural hinterland, that
could be used in profiling city-regions in Egypt, as well as focusing on the studies that could be
taken into the strategic planning process methodology. The research discusses the importance
of the city-region level for different strategic development policies, reviews the literature and
case studies about profiling criteria for the city-regions, then tests the criteria chosen for profiling
the Egyptian city-regions; using the urban population stability changes between four censuses,
and the research ends with sets of interventions required to plan each class of city-region.