تمثل المدينة الذكية على مدى السنوات العشرة الماضية اتجاهًا حديثًا للتنمية الحضرية على مستوى العالم، وتهدف الى تحسين جودة الحياة في المدن وتقليل التأثيرات البيئة السلبية باستخدام التقنيات المبتكرة، لا سيما في أنظمة الطاقة والتنقل المحلي والاتصالات والحوكمة الإلكترونية. وقد أتجهت بعض الدول العربية إلى التحول الرقمي والمدن الذكية و إنشاء مدن جديدة تتبع نموذج المدن الذكية. إلا أن هذا التحول كان يفتقر لمراعاة الواقع المحلي بجوانبه الاجتماعية، الثقافية، ونظم الادارة المحلية. ونجد أن التجارب الحالية للمدن الذكية قد تحقق نجاحا ملموسا في بعض الجوانب مثل الاتصالات أو المواصلات الا انه مازال يتغيب فيها جوانب أخرى بشكل شبة تام مثل إدارة الموارد البشرية. ومن هنا جاءت أهمية هذا البحث و الذي يستهدف "تطوير أداة لقياس مدى كفاءة التحول الرقمي للمدن العربية ومن ثم جاهزيتها كنموذج للمدن الذكية" كخطوة ضرورية لتوجية و دعم إتخاذ القرار الذي يحقق جميع أبعاد المدن الذكية بشكل متزن ويراعي خصوصية المدينة العربية. كما تكمن أهمية مثل هذه الادوات التقييمية في دعم إدارة المدن والتحقق من كفائتها وجاهزيتها لتطبيق نموذج المدينة الذكية. ولتحقيق هذا الهدف تم تقسيم البخث الى ثلاثة مراحل رئيسية. المرحلة الاولى تم فيها تشكيل الاطار النظري من خلال مراجعة المؤشرات القياسية للمدن الذكية ولا سيما أنه يوجد العديد منها على المستوى الدولي، إلا أنها على أهميتها من منظور الدول الاوروبية ودول العالم الاول. ومن ثم الخلوص بالمؤشرات المتعلقة بالكفاءة و الجاهزية والتى يمكن تطبيقها في إطار المدن العربية. المرحلة الثانية وتم فيها ضبط وتقييم ملاءمة وأهمية المؤشرات المستخلصة من خلال تحليل نتائج إستبيان إستقصاء إلكتروني للخبراء المتخصصين في مجالات (التخطيط العمراني، ادارة العمران، تكنولوجيا المعلومات، البنية الاساسية)، وقد أمكن من نتائج التحليل الاحصائي  الوصول إلى صياغة جانبي الاداة المستهدفة (المؤشرات وأوزانها النسبية). الحور الثالث  ويشمل مرحلة تطبيق الاداه المستنتجة وإختبارها من خلال التطبيق العملي، حيث قدم البحث تطبيقا واقعيا على اثنين من المدن العربية بالمملكة العربية السعودية كنموذج تطبيقي شمل أحد المدن الأكثر تقدما في مجالات تطبيق المدن الذكية بالعالم العربي (ينبع الصناعية)، وأحد المدن التي لا تزال في مراحلها الأولى من تطبيق مفاهيم المدينة الذكية (ينبع البحر)، وهو ما أكدته نتائج معظم المؤشرات القياسية. و قد أظهرت النتائج المحاور والمؤشرات التي يجب العمل على تحسينها في كلا من المدينتين. ومن أمكن التأكد من أهمية وقيمة أداة القياس التي تم تطويرها لدعم إتخاذ القرار وجهود التنمية والادراة الحضرية في المدينة العربية بإتباع واعي لنموذج المدينة الذكية. كما يجدر الاشارة الى إمكانية تطبيق هذه الاداة التقييمية أيضا على نطاقات واسع من المدن العربية و إنتاج دليل تقييمي خاص بالمدن العربيةSmart City Index.