تؤدي الجامعات دورا أساسيا في تکوين ثقافة المجتمع وتنميته وذلک من خلال الخريجين والکوادر البشرية المؤهلة في کافة المجالات والتخصصات المختلفة وللجامعـات عدة مجالات تحقق من خلالها التنمية في المجتمع، وسد احتياجات سوق العمل بشکل عام، باعتبارها إحدى غايات التعليم الجامعي.
وحيث إن الجامعة هي أحد مصدر توجيه النمو للمجتمعات وتحديد آفاق المستقبل له واتجاهات النمو في مختلف المجالات، وذلک من خلال ما تقدمه الجامعة من أطر ثقافية وعلمية وتقنية عبر مناهجها في مراحل التعليم الجامعي، والتي غالبا ما ترتبط بتلک الوتيرة المتسارعة لنمو المعرفة البشرية والتطور الثوري في مجالات التکنولوجيا والاتصالات، والتي تتطلب إجراءات تکيفية داخل المؤسسة الجامعية ونوع وشکل علاقاتها مع البيئة المحيطة لتتمکن من المتابعة والحفاظ على کيانها واستمرار تأديتها لأدوارها.
واستمرار الجامعات في تقديم خدماتها الاجتماعية والعلمية والبحثية يستلزم نوعا من التطور والتحول في آليات تقديم هذه الخدمات، وذلک عبر تطوير وتحديث العمليات التي تحدث داخل الجامعة والمناهج المقدمة وتقنيات تقديمها، والذي من شأنه أن يشکل أحد مؤشرات مواکبة الجامعة للعالم المتغير سريع التبدل وقدرتها على النمو والاستمرارية (کسناوي، 2001م، ص 34).
إن قيام الجامعة بمهامها يتطلب أن يستمر کل فرد من أفراد المؤسسة الجامعية بتأدية واجبه رغم تعقد وتنوع مصادر المعرفة في ظل وفرة طرق الحصول على المعرفة وسهولة تداول المعرفة، والمعني هنا هو عضو هيئة التدريس الجامعي حيث إن مهمته في الجامعة مرتبطة بمهمة الجامعة نفسها في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع حيث إن المهمات الثلاث في جانبها الأبرز هي بشرية متعلقة بشکل أو بآخر بعضو هيئة التدريس.
حقيقة يعتبر أعضاء هيئة التدريس هم مصدر العطاء العلمي والفکري والبحثي بالجامعات، وهم أهم أسس بنية الجامعات المتميزة، کما أنهم موجهات مرکزية نحو التميّز العلمي والبحثي والتربوي، وقد أدرکت الجامعات أهمية وقيمة أعضاء هيئة التدريس في فعالية قيام الجامعة بجميع أدوارها وخاصة في المجال التربوي والبحث العلمي، وعليه عملت على توفير المتطلبات والوسائل اللازمة لبناء قدراتهم وتشجيعهم وقيامهم بواجباتهم لتزداد إنجازاتهم وخاصة التربوية والبحثية وتتنامى إبداعاتهم وابتکاراتهم (دمنهوري، وعبد الله،2011م، ص 15).
وفي هذا السياق فإن عضو هيئة التدريس تتنوع مسؤولياته وفق رسالة الجامعة وأهدافها، وهي: التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، وتعتبر خدمة المجتمع هي غاية التدريس والبحث العلمي، باعتبار أن نتائجهما تنعکس على المجتمع وتنميته بشکل مباشر أو غير مباشر، وقيام عضو هيئة التدريس بمسؤولياته مؤشر من المؤشرات الرئيسة على نجاح المؤسسة الجامعية في تأدية أدوارها.
وترتيبا على ذلک فإن قيام أعضاء هيئة التدريس بمسؤولياتهم تشکل مطلباً أساسيا لتحسين الأداء الجامعي، وعاملا مهما في نقل الخبرات المتميزة أو الإبداعية في مجال التدريس والتعليم وضرورة عصرية لمواجهة کثير من التحديات التي يتعرض لها التعليم، کما أصبح استثمارا بشريا يساعد على تنويع المعارف وتحسين الأداء وإکساب القيم الجامعية الراقية لأعضاء هيئة التدريس وسلوکهم الوظيفي والاجتماعي (هادي، 2009).
ومسؤوليات وواجبات عضو هيئة التدريس في جامعات المملکة العربية السعودية حسب ما نصت عليه اللائحة المنظمة لشؤون منسوبي الجامعات السعوديين من أعضاء هيئة التدريس ومن في حکمهم الصادرة بقرار مجلس التعليم العالي رقم (4/6/1417) المادة (38) وهي کما يلي (وزارة التعليم العالي، 1998، ص296):
الأمانة والخلق القويم وأن يلتزم بالأنظمة والتعليمات وقواعد السلوک والآداب المرعية، وأن يترفع عن کل ما هو مخل بشرف الوظيفة.
متابعة ما يستجد في مجال تخصصه، وأن يسهم من خلال نشاطه العلمي في تطور تخصصه.
أن ينقل لطلابه أحدث ما توصل إليه العلم في مجال تخصصه، ويثير فيهم حب العلم والمعرفة والتفکير العلمي السليم.
أن يشارک بفعالية في أعمال مجلس القسم وفي غيره من المجالس واللجان التي يکون عضواً فيها على مستوى القسم والکلية والجامعة. کما يشارک بفعالية في أنشطة القسم والکلية والجامعة في خدمة المجتمع.
أن يتفرغ لعمله في الجامعة، ولا يجوز له العمل خارج الجامعة إلاّ بعد أخذ موافقة مسبقة وفق الأنظمة واللوائح.
من هنا فإن أداء عضو هيئة التدريس لواجباته ومسؤولياته المحددة بالصورة المثلى تحقق غايات وأهداف التعليم الجامعي في إطار التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ومن جهة أخرى فإن ذلک يعد معيارا أساسيا لتقييم عضو هيئة التدريس والحکم على أدائه الوظيفي في إطار مسؤولياته التدريسية والأخلاقية والبحثية وخدمة المجتمع.