تعد التربية من أهم وأنبل المهام التي يقوم بها المعلمون والمعلمات، وفي ضوء ذلک يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم مهمة إعداد المعلمين والمعلمات ليکونوا على قدر عالٍ من المسؤولية لأن أهمية المعلم لا تکمن في إمداد التلاميذ بالمعارف، والمفاهيم، والحقائق العلمية مثلما کان ينظر إليه في الماضي، بل أصبحت وظيفته ترکيبة تربوية شاملة لها تسلسلها ومنطقها وشروطها لتسهم في تنمية جميع جوانب التلاميذ المعرفية والعقلية والنفسية والاجتماعية.
ويتفق علماء التربية وعلم النفس على أن الشخصية من أعقد الظواهر التي يتعرض لدراستها علم النفس حتى الآن، فهي المصدر الرئيس لمعرفة مظاهر السلوک البشري کونها تحتل جوهر الإنسان وترتبط ارتباطاً وثيقاً باستجابة الآخرين، ومما ساعد على تأکيد هذه الأهمية النظر إلى الشخصية على أنها محصلة عدة عوامل تعمل في وحدة متکاملة تنتج من تفاعل عدة سمات جسمية، ونفسية تحدد أسلوب تعامل الشخص مع مکونات بيئته.
إن الاهتمام بدراسة شخصيات عينة البحث الحالي مسألة بالغة الأهمية لاسيما أنموذج العوامل الخمسة الکبرى للشخصية الذي يعد أحد أهم التصنيفات في دراسة الشخصية من حيث تحديدها بجوانب متعددة (العصابية، الانبساطية، التفتح، القبول، يقظة الضمير)، ويقوم نموذج العوامل الخمسة الکبرى للشخصية على وصف الشخصية من خلال خمسة عوامل هي: المقبولية، والضمير الحي، والانبساطية، والعصابية، والانفتاح على الخبرة.
واستناداً إلى کل من Goldberg، وأحمد عبد الخالق وبدر الأنصاري وعلي کاظم تاريخ العوامل الخمسة الکبرى للشخصية إلى أسماء عديدة، فتوصل Fisk إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية عن طريق التحليل العاملي لقائمة کاتل لدى عينات مختلفة، وبنفس أسلوب Fisk توصل کل من Tupes & Christal إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية هي:
الانبساط Surgency، والطيبة Ableness، والاتکالية Dependability، والاتزان الانفعالي Emotional Stability، والتهذيب Culture، وأطلق عليها جولدبيرج العوامل اسم العوامل الخمسة الکبرى للشخصية، إذ أکد أن کل عامل منها عبارة عن عامل مستقل تماماً عن العوامل الأخرى، بحيث يلخص هذه العامل مجموعة کبيرة من سمات الشخصية المميزة فيندرج تحت العاملين الأول والثاني السمات ذات الطابع التفاعلي في حين يصف العامل الثالث المطالب السلوکية والتحکم في الدوافع وکان العاملان الأخيران أصغر العوامل من ناحية عدد السمات المندرجة تحتهما وتکون العامل الرابع من السمات المرتبطة بالاتزان الانفعالي کالهدوء والثقة مقابل العصبية والتوتر والمزاج المتقلب والنزعة إلى القلق والحزن، ويصف العامل الخامس التکوين العقلي للفرد، ومدى عمقه ونوعيته بالإضافة إلى الخبرة الذاتية (أبو هاشم، 2010، ص284).
وقد أوضحت بعض الدراسات اختلاف العوامل الخمسة الکبرى لدى عدد من المتغيرات الديموجرافية مثل النوع والسن والحالة الاجتماعية وغيرها من المتغيرات وهو ما تحاول الدراسة الحالية بحثه على عينة من العاملين والمعلمات في المجتمع العراقي، حيث تعد هذه الدراسة الأولى في هذا السياق.