لقد اتجهت الدولة فى الاونة الأخيرة إلى تطبيق سياسة التحرر الاقتصادى ، التى کان من نتائجها استبدال الترکيب المحصولى الاجبارى بالترکيب المحصولى التأشيرى وفقا لاحتياجات المزراعين وترکز برامج السياسة الزراعية فى الوقت الحالى بالعمل على الوصول إلى الاستخدام الاقتصادى الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة .
وقد تمثلت مشکلة البحث فى کيفية الوصول إلى تعظيم الکفاءة الاقتصادية للموارد المحدودة بمحافظة الدقهلية عن طريق إعادة توجية الموارد الزراعية الرئيسية وخاصة موردى الأرض والمياه .
ويهدف هذا البحث إلى محاولة التوصل إلى نماذج للترکيب المحصولى التى تؤدى إلى تعظيم صافى العائد الفدانى وتعظيم صافى عائد الوحدة الاروائية و تدنية الاحتياجات المائية فى ظل التحرر الاقتصادى باستخدام أسلوب البرمجة الخطية .
ويتضح من دراسة أثر سياسة التحرر الاقتصادى على الترکيب المحصولى من خلال معرفة مدى التغير فى الترکيب المحصولى بمحافظة الدقهلية ، أنه بالنسبة لمحاصيل الحبوب فقد زادت مساحة کل من القمح والذرة الشامية ، بينما تناقصت مساحة الشعير ، والذرة النيلى وتناقصت أيضا مساحة محاصيل البقول مثل العدس ، فى حين زادت مساحة محصول الفول البلدى .
أما بالنسبة لمحاصيل الخضر والفاکهة فقد تناقصت المساحة المزروعة منها بالمحافظة وتناقصت مساحة کل من محصولى القطن والقصب ، فى حين زادت مساحة محاصيل الأرز ، بنجر السکر وذلک خلال الفترة الثانية ( 1998 – 2000 ) حيث تطبيق سياسة التحرر الاقتصادى .
وتشير نتائج التحليل بأسلوب البرمجة الخطية إلى أن جميع النماذج الحرة (بدون قيود تنظيمية ) لم تتحقق نتائج منطقية حيث تناقصت المساحة المنزرعة من محاصيل القمح ، الفول ، البنجر ، البصل ، الذرة الشامية ، البطاطس ، وإختفى محصول القطن الذى يعد من أهم المحاصيل الاستراتيجية الهامة
وهذه النماذج لا تحقق الأهداف الاستراتيجية الخاصة بزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن ، بنجر السکر ، وبعض محاصيل الخضر الهامة للتصدير ولذا يلزم إضافة محددات تنظيمية بصفة دائمة إلى نماذج البرمجة الخطية حتى تتمشى نتائجها مع المنطق الاقتصادى .
وهذا يتبين مع نتائج التحليل الاحصائى لنماذج التراکيب المحصولية المقيدة (مع وجود قيود تنظيمية )حيث تقترح هذه النماذج التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الهامة التى تؤدى إلى توفير الغذاء السکانى و التصدير والعلف اللازم للحيوان لزيادة الانتاجية من اللحوم والألبان بالاضافة إلى زيادة المحاصيل البقولية التى تزيد من خصوبة التربة ، وأيضا هذه النماذج تعمل على توظيف موردى المياه والعمالة المتاحة بالمحافظة التوظيف الأمثل .
وتشير نتائج التحليل لهذه النماذج زيادة صافى العائد الفدانى للترکيب المحصولى المقترح والذى بلغ حوالى 1078 مليون جنيه بزيادة تقدر بنحو 82 مليون جنية عن الترکيب المحصولى الحالى . وزيادة صافى العائد على الجنية المستثمر بنحو 5, 51 مليون جنية عن صافى العائد للترکيب المحصولى الحالى .
وبالنسبة للنموذج المقترح لتغطية صافى عائد الوحدة الاروائية فإنه يساعد على توفير قدر کبير من العمالة والمياه التى يمکن الاستفادة منها فى استصلاح أراضى جديدة بالمحافظة .
وأخيرا بالنسبة للنموذج البديل المقترح لتدنية الاحتياجات المائية تبين أنه هناک فائض فى کمية المياه المتاحة بنسبة تقدر بحوالى 35 % عن نظيره فى الترکيب المحصولى الحالى .
ومما سبق يتضح أن نماذج البرمجة الخطية مع وجود قيود تنظيمية تؤدى إلى زيادة صافى العائد الفدانى ، وصافى عائد الوحدة الاروائية وصافى عائد الجنية المستثمر ، وتدنية الاحتياجات المائية بالمقارنة بالترکيب المحصولى الحالى بالمحافظة ، وبالاضافة إلى زيادة مساحة القمح ، والفول البلدى ، والذرة الشامية ، بنجر السکر وبعض محاصيل الخضر الهامة للتصدير مثل البطاطس ، والبصل ، وکذلک زيادة مساحة البرسيم المستديم اللازم کعلف أخضر للحيوان .
ولذا ترى الدراسة إمکانية وضع هذه النماذج المقيدة بالقيود التنظيمية تحت التنفيذ ، وعدم إمکانية وضع النماذج الحرة (بدون قيود تنظيمية ) تحت التنفيذ ولذلک يجب ضرورة وجود دور للدولة فى ظل التحرر الاقتصادى بالقيام بدور توجيهى غير مباشر من خلال التدريب والارشاد وتوفير وتحسين المعلومات للوحدات الانتاجية .