ظهر علم جديد يرکز على الجوانب الإيجابية لخفض حدة المراض النفسية، من خلال فنياته وتطبيقاته التى ترکز على تنمية القوة والحکمة الإنسانية وإبرازالنقاط الإيجابية لدى الشخصية والترکيز عليها؛ ذلک العلم هو علم النفس الإيجابى الذى ظهربدءا من سنة 1998 على يد مارتن سيلجمان و ميهالى نتمينالى M.Seligman & Mihali ntminalyi ، کتوجيه مضاد لترکيز علم النفس على الاضطرابات النفسية وعلم النفس المرضى، وعلى ذلک فإن علم النفس الإيجابى هو علم دراسة القوى الإنسانية الإيجابية التى تساهم فى مساعدة الأفراد على کافة المستويات سواء جسديا أو نفسيا أو إجتماعيا، لأن المساعدة على اکتشاف الخصائص و السمات الإيجابية فى شخصية الفرد وتنميتها، سوف يساهم فى مساعدة الفرد على مواجهة المشکلات والصعوبات والتحديات التى قد تواجههم فى سياق حياتهم اليومية وتساعدهم على الشعور بالسعادة والإقبال على الحياة بجدية وفاعلية (سيد الوکيل، 2010، 125).
وعليه فلقد انتشر في الآونة الأخيرة العديد من الأمراض لما نعانيه من أنظمه غذائية غير صحيه وخضروات وفاکهة بعدت عن فطرتها الطبيعية، وربما يعتبر من أکثر الأمراض شيوعا والتى تُحدث صدمة وصراع لمن تصيبه، مرض السرطان الذى شاع بين أطفالنا وشبابنا بأنواعه، وجميعنا نعلم کم هو مؤلم هذا المرض اللعين ليس فقط للمرض ذاته، بل لعواقبه من حجز المريض فترة ليست بقصيرة في المستشفى وتناول الکيماوي وعزله عن ممارسة حياته الطبيعية، مما قد يصحب ذلک شعور المريض بإکتئاب سواء کان ناتج عن احتجازه بالمستشفى، أو من الأفکار اللاعقلانيه الناتجة عن إعتقاد المريض بأنه أقرب للموت الأن، أو لضعف الأمل واليقين بالشفاء ومنه لضعف المناعه النفسية.
وربما ما يزيد الأمر سوءا حقا أن يکون المريض في بداية عمره ورعيان شبابه، تلک الفترة التى من المفترض أن يکون الشخص يخطط لمستقبله أى مدرسة سيکمل وبأى جامعه سيلتحق، فترة الطفولة التى من المفترض أن يلهو بها الطفل مع أقرانه يتم حجزه بين اربعه جدران لأنه مريض ولا يقدر على ممارسة اللعب فبأى حق مُنع من ممارسه حياته الطبيعية وبأى منطق لا نحاول على الأقل أن نخفف عنه بعض من حده الألم سواء کان ألم الاحتجاز بالمستشفى أو ألم الکيماوى او حتى ألم ضجيج الأفکار اللاعقلانية التى قد تطرأ بذهنه بمجرد دخوله المستشفى مثل ( لما أنا هنا ؟، هل أنا مريض وسأموت،هل لن أقوى على اللعب مرة أخرى؟ هل العلاج سيؤل منى کثيرا؟ ولذلک لطالما عرف خبر مرضه تنقلب الحياة بعينه فلا يدرى ما يحدث ولما هو تحديدا الذى أصابه هذا المرض اللعين، لذلک توجهت الباحثة أيضا للترکيز على مرحلة الطفولة المتأخرة تحديدا لما لها من أهميه خطيرة فى تشکيل حياة الفرد فيما بعد.
حيث يتميز الطفل فى هذه المرحلة باتساع الأفق المعرفى والعقلى وقدرة على تعلم المهارات المدرسية والحسية المختلفة، کما يتميز بزيادة النشاط والحيوية (أحمد إسماعيل،2009،183).
ومنه فإن من المؤلم نفسيا على الطفل أن يمکث لفترة قد تتعدى ثلاثة أشهر متواصلة فى المستشفى بعيدا عن حياته الطبيعية، وعليه فإن الباحثة إتجهت لعلم النفس الإيجابى واستخدام بعض فنياته لبث روح التفاؤل من جديد، وتقوية مفهوم الرضا عن الحياة وزرع الأمل بهم، مما قد يسهم فى خفض حد الأعراض الناتجة عن مرض السرطان أشهرها الاکتئاب أو أى ألم نفسى ينتج عنه.
وذلک لأن تنمية مشاعر القناعة و الرضا و التفاؤل و الأمل يساهم فى إحساس الفرد بالسعادة مما قد يؤدى لخفض حدة الاکتئاب لديه ( سيد الوکيل، 2010، 129) .
ولعل مراجعة الأدبيات الخاصة بمرض الاکتئاب فى التراث السيکولوجى، توضح أنه من الصعب تجاهل خطورة هذا الاضطراب والتى تکمن فى إنه أحد أهم الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الأفکار أو السلوکيات الانتحارية، إذ يمکن القول بأن 50-70% من محاولات الانتحار التى تنتهى بالموت بين المجموع العام تکون بسبب الاکتئاب (أحمد عکاشه، 2009، 418).
ومما يبرز أهمية دراسة علاقة اضطرابات الاکتئاب والسرطان ما اورده أندريوس 2010، فى موسوعة الاکتئاب Encyclopedia of Depression التى اشار فيها الى ان اضطراب الاکتئاب أکثر الاضطرابات النفسية شيوعا بين الناس الذين يعانون من الامراض الجسدية الخطيرة مثل: امراض القلب، والسکته الدماغيه، السرطان وفيروس نقص المناعة ومرض السکر وقد يرجع ذلک الى طبيعتها کامراض مميته.
ويذکر کل من بابيز واخرون 2009، أن الاکتئاب من اکثر الاضطرابات النفسية شيوعا لدى المرضى الذين يعانون من الأورام، حيث تشير الاحصاءات إلى أن حوالى 38% من مرضى السرطان لديهم اکتئاب أساسى، وتزداد شدة هذا الاضطراب النفسى أثناء العلاج الکيميائى Chemotherapy نتيجة لمعاناة نفسية تتعلق بالوعى Awareness حول انه مرض قاتل لا يمکن التيقن من النجاه منه ( سلامه الشارف، 2013، 8).
ويفرض الواقع المعاش حقيقة أن وجود مرض السرطان لا يزال يمثل واحد من أکثر الأمراض تدميرا لحياة الإنسان، ومجرد تشخيصه يمثل تأثيرات نفسية على المرضى، تظهر فى معانى الحزن والأسى والتشاؤم، حيث أن الإصابة به تعنى الموت أو توقف الحياة الذى يساوى الموت Cancer equal death لدى الکثير، ويأتى الاکتئاب کأحد العواقب النفسية الشهيرة فتظهر اعراضه ما بين الحزن العادى او مجموعة متنوعة من اضطرابات المزاج والأعراض الاکلينيکية الأخرى، ويمثل ذلک تحديدا تمييز الاکتئاب المرضى من الضائقة النفسية الطبيعية لدى مرضى السرطان.( Guan , Boks , Zainal , 2011,p55)
ومن هنا تکون الحاجة إلى ضرورة تقديم التدخلات النفسية المناسبة لمرضى السرطان عامة ولهذة الفئة التى سيتم إلقاء الضوء عليها فى الدراسة خاصة نظرا لطبيعة المرحلة العمرية التى يمرون بها.