يضم المتحف المصري مجموعة من الأعمال الفنية الفائقة الروعة والتي ترجع للعصرين البطلمي والروماني ، وهي على قلة عددها عظيمة الأهمية من الناحية الفنية ؛ ومن الأمثلة النادرة ضمن هذه المجموعة تمثال مجموعة لأفروديتي([1]) مع إيروس([2]) ؛ يبلغ ارتفاع التمثال 119سم بينما يبلغ العرض 40سم([3]) . وهذا النمط – قيد الدراسة – من الأعمال الفنية النادرة التي تجمع فيما بين أفروديتي وإيروس ؛ حيث صور إيروس في أوضاع وموضوعات متباينة مع أفروديتي ، فعلى الرغم من أن إيروس يسبق أفروديتي زمنياً من حيث النشأة حسبما ذکرت معظم المصادر الأدبية([4]) ، وبعض المصادر الأدبية المتأخرة نادت بأمومة أفروديتي لإيروس([5]) ، بينما صور إيروس في الفن ملازماً لأفروديتي في کثير من الأحيان فهو إما تحمله الربة بين يديها([6]) أو على کتفها([7]) ، أو يعبث في ملابسها وهى مشغولة باللعب مع بان في لعبة من ألعاب التسلية([8]) ، أو يزود عنها ضد بان([9]) ، أو يحمل لها المرآة([10]) ، أو يحاول أن يمسک بإناء اللأباسترون – وهو من أواني الزينة والتجميل کما هو معلوم – الذي تمسک به أفروديتي([11]) .
([1]) يعني اسمها وليدة زبد البحر ؛ فالکلمة Ajrodith مکونة في واقع الأمر من کلمتين ؛ الأولى هي AjroV والتي تعني زبد البحر والکلمة الثانية هي Dith فهي تعنى الربة ، راجع :
Liddell & Scott's Lexicon , s.v. Ajrodith. ، وتروي المصادر أنها ولدت عارية من زبد البحر بالقرب من شاطئ جزيرة کيثيرا التي وجدتها الربة جزيرة صغيرة ومن ثم أبحرت على صدفة لتمر بشبه جزيرة البليبونيز ثم يستقر بها الحال في بافوس بجزيرة قبرص لتصبح جزيرة قبرص هي المقر الرئيسي لمعبودة الحب والرغبة ، يعتبرها البعض أنها نشأت نتيجة لاتحاد أعضاء أورانوس بموج البحر ، بينما يعتبرها البعض الآخر أنها ابنة لزيوس من ديوني راجع :
- 200 . Hesiod:Theeogony,188 ;Apollodorus, I, I,3
([2]) لم يرد اسمه عند هوميروس ، بينما يعتبره هزيود من آلهة نشأة الکون حيث فقس من البيضة الأزلية ، ورددت معظم المصادر التي جاءت بعد هزيود حقيقة کونه من الآلهة التي نشأت مع نشأة الکون واتفقت هذه المصادر في أنه لم يکن له أب أو أم وإنما کان ابناً للأرض جايا Gaia والظلام تارتاروس TartaroV ، راجع :Hesiod:Theeogony,120 ; Pausanias:IX,27,2;Graves,R.,:The Greek Myths,Vol.I, ( Penguin Books,London, 1966) , p.58. ، بينما تعتبره المصادر اللاتينية ابناً لأفروديتي من هرميس أو آريس ، راجع: Cicero : On the Nature of the Gods , III , 23 ;Virgil : Ciris , 134
([3]) عثر على هذا التمثال بأحد المواقع الأثرية بالدلتا – حسبما أشارت سجلات المتحف المصري – ومحفوظ بالدور الأرضي من المتحف المصري تحت رقم دخول31905 ، ونشره إدجار في کتالوجه تحت رقم 9305 راجع :
Edgar,M.C.C.,: Catalogue General des Antiquites Egyptiennes du Musee du Caire, Nos27425-27630,Greek Sculpture , ( Otto Zeller Verlag- Osnabruck, 1974 ) , pp.13-14.
([4])Hesiod , Theogony, V, 119 ; Aristophanes , Aves , V, 693- 697.
([5])Cicero : On the Nature of the Gods , III , 23 ;Virgil : Ciris , 134 .
([6]) يوجد تمثال من التراکوتا يؤرخ بالعصر الهلينستي يمثل هذا الوضع محفوظ بمتحف اللوفر وربما يمثل تمثال من تماثيل الکوروتروفوس ؛ فهي تحمله بين يديها وينظر کل منهما إلى الآخر في ترابط نفسي ومعنوي قويين ، راجع :
Massoul, M.,:Encyclopedie photographique de l'art,tom.2( Paris, 1936) , p.211, fig.A
([7]) هذا الوضع يمثله دبوس من الفضة محفوظ بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن يؤرخ بالقرن الثاني قبل الميلاد ؛ حيث تحمله الربة على کتفها الأيسر وتمسک به بکلتى يديها خشية السقوط بينما يتطلع إيروس لينظر إلى وجهها ، راجع :
Hauffmann , H., & Davison , P.,: Greek Gold , Jewelry from the Age of Alexander , ( Boston , 1965 ) , p.192 , fig.72.b .
([8]) صور هذا الموضوع على غطاء مرآة برونزية من کورنثا ومحفوظة بالمتحف البريطاني وتؤرخ بحوالي عام 350 ق.م ؛ وهو موضوع غاية في الروعة ولا يخلو من طرافة حيث صورت أفروديتي تلعب لعبة Knucklebones مع بان وهما يجلسان على دکة مستطيلة يحملها قائمان ، وتجلس أفروديتي بوضع الثلاثة أرباع تستر جزءها السفلي بالهيماتيون بينما ترک الجزء العلوي منها عارياً وأمامها يجلس بان القرفصاء مشيراً لها بسبابته اليمنى ربما للتوقف عن اللعب ، وصور إيروس بجناحيه الطويلين خلف أفروديتي يعبث في الهيماتيون ؛ يلاحظ جلسة أفروديتي الجميلة التي تتناسب مع ربة الجمال وجلسة بان الغوغائية بينما صور إيروس کطفل آدمي يتصرف تصرف الصبيان ، راجع :
Amos, H.D.,& Lang , A.G.,: These were the Greeks , ( London, 1987), p.75 , pl 7.3
; Burn , L., : The British Museum of Greek and Roman Art , ( British Museum Press, 1991 ) , pp.86-87,fig.73.
([9]) عبر الفن عن هذا الأمر عن طريق تمثال مجموعة يطلق عليه مجموعة ديلوس نظراً لمکان اکتشافه ، ويبلغ أقصى ارتفاع للتمثال 129سم ومحفوظ بالمتحف القومي الأثيني ، ويؤرخ بحوالي عام 100 ق.م ، وهو يمثل أفروديتي تحمل الصندل لتعاقب بان الذي حاول الاعتداء عليها ويقف إيروس مدافعاً عنها ، لمزيد من التفاصيل راجع:
Fullerton , M.D.,: Greek Art , ( Cambridge Uni. , 2000 ) , p.109, fig.78
([10]) صور هذا النمط في التماثيل البرونزية وشاع استخدامه خلال العصر الروماني ربما جاء عن أصل يوناني أو هلينستي ، ويزخر المتحف اليوناني الروماني بالإسکندرية بعدد لا بأس به تمثل هذا النمط ، راجع، عزت قادوس : التماثيل البرونزية الصغيرة المحفوظة في المتحف اليوناني الروماني بالإسکندرية ، دراسة = =تحليلية مقارنة ، مجلة کلية الآداب بسوهاج جامعة أسيوط ، العدد16 ، 1994، ص ص 56-57، صورة 31 .
([11]) هذا النموذج يمثله تمثال من المرمر محفوظ بمتحف اللوفر وهو نسخة رومانية ؛ حيث صور إيروس بجناحيه الصغيرين على يسار أفروديتي التي تمسک بالإناء في اليد اليسرى وتحاول أن تستر نفسها باليد الأخرى ، والطريف أن صور إيروس فوق درفيل وهو من رموز الربة دون شک ، راجع :
Kleiner , D., : Roman Sculpture , ( London , 1992 ) , p.70 , fig.79 .