سعى الباحث في هذا البحث إلى تحديد أسس الإدارة الإسلامية التي يجب أن يطبقها مديرو مدارس التعليم العام بدولة الکويت، وتحديد مدى التطبيق الفعلي لتلک الأسس في مدارس التعليم العام من وجهة نظر المعلمين والموظفين العاملين بتلک المدارس، وتحديد ما إذا کانت هناک فروق ذات دلالة إحصائية في آراء المعلمين والموظفين المشارکين بشأن مدى تطبيق مديري مدارسهم لأسس الإدارة الإسلامية باختلاف متغيراتهم الشخصية (الجنس- الوظيفة- المؤهل العلمي- المرحلة التعليمية).
ولتحقيق هذه الأهداف تمت صياغة ثلاثة تساؤلات أولها معني بتحديد أسس الإدارة الإسلامية التي يجب تطبيقها في مدارس التعليم العالم, والثاني معني بتحديد درجة تطبيق عشر من أسس الإدارة الإسلامية، والثالث معني بالفروق الدالة في آراء المشارکين وفقاً لمتغيراتهم الشخصية. واندرج تحت هذه التساؤلات خمسة عشر فرضاً إحصائياً تم اختبارها في هذا البحث.
ولتحقيق أهداف البحث استعان الباحث بمنهجيتين بحثيتين أولهما: منهجية تحليلية نظرية استقرائية واستنباطية تضمنت مراجعة شاملة للأدبيات والدراسات التي تناولت أسس الإدارة العامة في الإسلام وأسس الإدارة المدرسية من منظور إسلامي بهدف استخلاص أسس الإدارة الإسلامية التي يجب تطبيقها في مدارس التعليم العام ومن ثم الإجابة على التساؤل الأول للدراسة. کما تم استخدام منهجية وصفية قائمة على المسح بالاستبانة لرصد الواقع الفعلي لتطبيق أسس الإدارة الإسلامية في مدارس التعليم العام.
ولجمع البيانات قام الباحث بإعداد أداة تتضمن أسس الإدارة الإسلامية التي يجب تطبيقها في مدارس التعليم العام وتضمنت عشر أبعاد وهي: (الشورى، والسمع والطاعة، والتعاون على البر والتقوى، وحل الصراع والإقناع بالحسنى، والتأمل في دروس الماضي والإفادة من تجارب غير المسلمين، وتفويض السلطة، والأسوة الحسنة، واقتران القول بالفعل، والمعاملة الحسنة والعلاقات الإنسانية، وتشجيع الرقابة الذاتية، والجودة والإتقان) ولکل بعد من هذه الأبعاد تم تخصيص خمس عبارات. وتم التحقق من صدق هذه الأداة بطريقة الصدق الظاهري بينما تم التحقق من الثبات باستخدام طريقة الاتساق الداخلي على عينة استطلاعية من غير المشارکين في العينة الأساسية.
وقد تم جمع البيانات فعلياً من عينة قوامها (325) من معلمي وموظفي مدارس التعليم العام بمختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في دولة الکويت. ولتحليل البيانات إحصائياً تم استخدام أساليب إحصائية وصفية ممثلة في المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية والرتب لکل عبارة وکل بعد فرعي. کما تم استخدام أساليب الإحصاء الاستدلالي ممثلةً في تحليل التباين أحادي الاتجاه والاختبار التائي لدلالة الفروق بين متوسطين مجموعتين مستقلتين. وتم کذلک الاستعانة بالتمثيلات البيانية للإحصائيات المقدمة.
وأسفرت نتائج التحليل الإحصائي للبيانات عن وجود درجة إجمالية "متوسطة" لتطبيق أسس الإدارة الإسلامية في مدارس التعليم العام من وجهة نظر المعلمين والموظفين. وتم تطبيق بعدي السمع والطاعة، وحل الصراع والإقناع بالحسنى بدرجة "کبيرة" بينما تم تطبيق أبعاد التعاون على البر والتقوى، والأسوة الحسنة واقتران القول بالفعل والمعاملة الحسنة والعلاقات الإنسانية، والجودة والإتقان بدرجة "متوسطة". وأخيراً تم تطبيق بعض الأبعاد بدرجة "متدنية" وهي أبعاد تشجيع الرقابة الذاتية، وتفويض السلطة، والتأمل في دروس الماضي والاستفادة من تجارب غير المسلمين. وکذلک بينت نتائج البحث عدم وجود فروق دالة في آراء المعلمين والموظفين بشأن درجة تطبيق أسس الإدارة الإسلامية في مدارس التعليم العام بدولة الکويت باختلاف المتغيرات الشخصية (الجنس- الوظيفة- المؤهل العلمي- المرحلة التعليمية).
وفي ضوء هذه النتائج أوصى الباحث بتدريب المديرين قبل وأثناء الخدمة على أسس الإدارة الإسلامية أو النموذج الإسلامي لإدارة المدارس وتبني معايير موحدة على مستوى دولة الکويت لنظم الإدارة الإسلامية للمدارس وتبني عقد مؤتمر للإعجاز الإداري في القرآن والسنة النبوية. کما اقترح الباحث إجراء دراسات تستکشف عمليات ووظائف الإدارة الإسلامية في مدارس التعليم العام من منظور إسلامي، وأثر تطبيق أسس الإدارة الإسلامية في مدارس التعليم العام على النواتج المتعلقة بالمعلمين والمديرين والمدارس التي يعملون بها.