يعتبـر الاستثمار في العنصر البشرى وتنميته وتطويـر القطاع الحکومي في مختلف دول العالم من أهم العناصر الاستـراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، لذا نجد أنه في ظل النظام العالمي الجديد والتحولات السياسية والتطورات الاقتصادية على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي، وما تتعرض له المنطقة العربية والشرق الأوسط. أصبح من الضروري وجود العنصر البشري المفکر والعالم في الدول العربية ليشکل عامل قوة وعنصراً مهماً في رکيـزة البناء والتنمية المستدامة في العالم العربي. والقضاء على البطالة، ومکافحة الفقر، وکذلک ظاهرة هجرة العلماء وما يطلق عليها بنـزيف العقول، وذلک لما لهذه الظاهرة من أثار وانعکاسات خطيـرة بالنسبة لمستقبل البلدان الأقل نموًا في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولما تجلبه من مکاسب لا يمکن تقديـرها بثمن بالنسبة للدول المتقدمة.
ويُعد رأس المال البشري بمثابة المخزون الاستـراتيجي لأي دولة تتطلع لبناء مستقبل مشرف ومستدام، تستطيع من خلاله الاستجابة لطموحات الحاضر وتلبي توقعات الأجيال القادمة، وهذا هو المقصود من مفهوم الاستدامة. ويتفق الکثيـر من العلماء على أن التنمية بمفهومها الشمولي، وأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية، صارت مطلب رئيس لا غنى عنه ولا سبيل للتـراجع دونه، ذلک أن التنمية أصبحت الطريق والجسر الذي تعبـر من خلاله المجتمعات النامية والناشئة، للمضي قدمًا لبلوغ الرفاهية الاجتماعية بحسبانها الهدف النهائي للتنمية المستدامة.
لذلک فقد أجمعت آراء العديد من العلماء والخبـراء على أن الاستثمار في الإنسان والتنمية البشرية تُعد أهم رکائز التنمية المستدامة، وذلک من خلال التعليم والمعرفة. وقد تأکد ذلک منذ مطلع الألفية الجديدة أن الدول التي انطلقت من کونها دولًا نامية إلى مستوى دول متقدمة، ما کان لها أن تـرتقي إلا لأنها رکزت على بناء الإنسان والقدرات البشرية من خلال التعليم واکتساب المعارف. وتشيـر تجارب بعض الدول مثل «ماليـزيا، وکوريا الجنوبية، وسنغافورة، والإمارات العربية المتحدة» إلى أن تنمية رأس المال البشري تعد من أهم وأکبـر التحديات التي تواجه التنمية في کل الدول التي دخلت في سباق مع الزمن، والتي تؤمن بأن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها لتحقيق وتطويـر القطاع الحکومي وتحقيق التنمية المستدامة.