لکي يکون السعر مناسبًا لطرفي العقد، ولضمان استمرار التأمين ونجاحه، فإن هناک عدة شروط للسعر يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند التسعير، وکذلک عند تعديل الأسعار. وهذه الشروط تتلخص في الکفاية، والمعقولية والعدالة (سيد، 1977: 48).
والکفاية، تعني أن يکون القسط کافيًا لتغطية تکاليف الوثيقة والتي تتمثل في المصروفات والتعويضات بالإضافة لهامش ربح المؤمن. وعدم کفاية السعر بالنسبة للمؤمن يؤدى إلى إفلاسه ويترتب عليه نتائج ضارة بالنسبة للخدمة التأمينية سواء للمستأمن أو المجتمع (Brines, 1980: 12).
والمعقولية، تعنى أن لا يکون القسط في المتوسط أکبر من اللازم، وبالتالي يحقق المؤمن نتيجة لذلک أرباحًا طائلة. وفي ضوء ذلک، فإن السعر يجب أن يکون کافيًا لضمان الأرباح العادية والمعقولة فقط. حيث إن السعر المغالى فيه يؤدى إلى تحول المؤمن لهم إلى شرکات تأمين أخرى، والتي تعرض أسعارًا أقل، وخاصة في ظل وجود المنافسة، أو اتجاههم لوسيلة بديلة لإدارة أخطارهم. وبالتالي تکون المحصلة النهائية هي التأثير على عدد الوحدات المؤمن عليها، مما يخل بقانون الأعداد الکبيرة، ومما يجعل من التأمين في النهاية عملية مضاربة أو مقامرة ينقصها التنبؤ الدقيق (عطا، 1991: 60).
والعدالة، تعنى العدالة بالنسبة لسعر التأمين أن يختلف السعر باختلاف درجة الخطر، بمعنى أن يتناسب السعر تناسبًا طرديًا مع درجة الخطر، ويؤدى هذا لاختلاف السعر من مؤمن له لآخر عند التعاقد بل إن السعر يختلف بالنسبة للمؤمن له نفسه من فترة زمنية لأخرى کلما استحدثت ظروف تستدعى ذلک وتؤدى إلى زيادة احتمال وقوع الخطر. کما أن إتباع متوسط السعر لا يحقق العدالة، لأنه سيکون أقل من اللازم بالنسبة للوحدات المؤمن عليها والتي تتعرض لدرجة خطورة أعلى. وعلى العکس سيکون أکبر من اللازم بالنسبة للوحدات التي تتعرض لدرجة خطورة أقل.
ولما کانت العدالة أحد الشروط الأساسية في تحديد أسعار التأمين العادلة من خلال ارتباطها بدرجة الخطورة ومعدلات الخسائر بالنسبة للقسط الصافي وارتباطها أيضًا بمعدلات العمولة والمصروفات والفائدة بالنسبة للقسط التجاري، فهي بذلک تعتبر من أهم مشاکل التأمين عامة وتأمين السيارات بصفة خاصة، کما أن إعادة النظر في هذه الأسعار من خلال الخبرة الماضية حيث أثبتت الإحصاءات عدم عدالتها وهو أمر غير مرغوب فيه سواء بالنسبة لجمهور المؤمن لهم أو القائمين على وضع هذه الأسعار وتعديلها.
ولتحقيق العدالة في تحديد الأسعار وتعديلها کان لابد من البحث في أدوات تساعد على ذلک، لعل أهمها هو تصنيف الأخطار في تأمين السيارات لما له من أهمية وخاصة لسوق التأمين السعودي. فمما لاشک فيه أن المملکة العربية السعودية تعتبر من الدول السباقة إلى الأخذ بما هو حديث ومبتکر، شأنها في ذلک شأن أي دولة أخرى تريد أن تلحق برکب الدول المتقدمة. کما أن النظام العالمي الجديد وتطبيق اتفاقية الجات من شأنه أن يزداد عدد السيارات زيادة کبيرة من يوم لآخر، هذه الزيادة الکبيرة في أعداد السيارات مع عدم الحد من استيرادها أو تملکها يساعد على زيادة فرص تحقق حوادث السيارات ودرجة شدتها.
وکان نتيجة لتطبيق اتفاقية الجات وتخفيض الجمارک أن معظم السيارات في المملکة العربية السعودية حديثة الصنع، وبالتالي فإن أغلب حوادث السيارات ناتجة عن مدى رعونة وسرعة السائق الذي يسيطر عليه بريق السيارة الحديثة السريعة والقوية، ولعل هذا العنصر الهام يلعب دورًا أساسيًا في تحقق حوادث السيارات ومدى شدتها، وهو ما لا يؤخذ في الاعتبار عند تحديد أساس لتسعير تأمين السيارات على اختلاف أنواعه، وإنما يؤخذ فقد بيانات السيارة عند تحديد السعر.
من خلال ما تقدم فإن موضوع البحث يتصل اتصالاً وثيقًا بهذه المشکلة الحيوية، حيث يتم إلقاء الضوء على صفات قائدي السيارات ومدى علاقتهم بشدة حوادث السيارات في السعودية. أو بمعنى آخر فإن هذه الدراسة تبحث في مدى وجود علاقة معنوية بين شدة حوادث السيارات ومجموعة المؤشرات الديموجرافية التي تتعلق بقائدي السيارات وفقًا للأخطار المتوقعة مثل السن، الجنسية، الخبرة، مکان وقوع الحادث. والتي يمکن استخدامها من جانب شرکات التأمين کنموذج يمکن تطبيقه لتصنيف الأخطار، أي لمعرفة درجة الخطر لدى قائدي السيارات.
إن أهمية تصنيف الأخطار في تأمين السيارات کانت موضع نقاش خلال الفترة الزمنية الماضية بين العديد من کتاب التأمين في هذا المجال (Austin, 1983: 517-583)، (Harrington and Doerpinghaus, 1993: 59-84)، (McCathy and Turner, 1993: 84-104)، (Santo, 1980: 132-151)، ولقد خلصت هذه الدراسات إلى:
1- وجدوا من خلال هذه الدراسات أن في هذا التصنيف بعض الأدلة للمساعدة في تقييم المخاطر وتسعير تأمين السيارات.
2- إن طرق تحديد الأسعار في التأمين والأسس التي تقوم عليها عادة يناقشها الخبراء الأکتواريين، بحيث يجب أن تعکس القيمة المتوقعة للمطالبة فضلاً عن التحميلات التي تغطى التکاليف الإدارية وذلک لإمکانية سداد التعويض وتحمل الأخطار.
3- إن دقة تصنيف الأخطار تساعد في الوصول إلى معدلات متجانسة بين الأسعار ودرجة الخطورة.
4- مدى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث في هذا الشأن.
من خلال ما تقدم فإن هذه الدراسة تم إجراؤها استنادًا إلى مجموعة من تقارير الشرطة عددها 42000 تقرير خلال الفترة من 1/1/2010/1/1-2009. وتم استبعاد 4400 تقرير لعدم صلاحيتها بسبب المعلومات الغير کافية أو الغير مقنعة أو انتهاء صلاحيتها بسبب المصالحات التي تمت بشأنها. ولقد تم تصنيف أخطار السيارات في هذه الدراسة إلى أخطار شديد الخطورة وأخطار قليلة الخطورة، وذلک وفقًا مجموعة من المتغيرات الديموجرافية المتعلقة بقائدي السيارات مما يساعد على وضع أسعار عادلة للتأمين معتمدين في ذلک على النموذج المبنى على تحليل التمايز (Disseminate Analysis). ولقد تم استخدام هذا النموذج نظرًا للنتائج الجيدة التي حققها عند تطبيقه في مجال التأمينات العامة.