مع تفاقم ظاهرة الغش في منظمات الأعمال، أصبح على کل الجهات التي ترتبط سواء بشکل مباشر أو غير مباشر بتسييرها وإدارتها أن تحدد موقفها من هذه المسألة. ومن بين هذه الجهات الهيئات القائمة على تنظيم وتطوير مهنة التدقيق الداخلي، وهذا کون هذه المهنة تعتبر من الأنشطة الرئيسة التي تلجأ إليها منظمات الأعمال لتقوية أنظمة الرقابة الداخلية بغرض التحکم في عمليات إدارة المخاطر حماية للأصول ومنعًا لارتکاب الغش وتفاقمه.
لقد شهد نشاط التدقيق الداخلي تطورًا مذهلاً في کل دول العالم المتقدم. ومن بين أسباب هذا التطور کثرة الفضائح الاقتصادية التي هزت کيان شرکات عالمية کبيرة، والتي على خلفيتها بادر «معهد المدققين الداخليين» إلى تطوير الممارسات المهنية وإدخال تحسينات عليها لأکثر من مرة، وذلک بمراجعة الأسس والقواعد التي تقوم عليها. ونظرا لذلک، أصبح لزامًا على منظمات الأعمال أن تسعى إلى مسايرة التحسينات التي يتم إدخالها على نشاط التدقيق الداخلي وعلى معايير وأساليب ممارسته.
وفي هذا الصدد، دأب «معهد المدققين الداخليين» خلال عام 2010 و2013 على إدخال تعديلات جوهرية على الإطار المرجعي الدولي لممارسة التدقيق الداخلي The International Professional Practices Framework “IPPF" والتي بواسطتها تم تحديد موقف التدقيق الداخلي من مسألة الغش بشکل واضح، وهذا عکس الأطر السابقة والتي تعود إلى الأعوام 2000 و2004 والتي کانت لا توضح جيدًا مسؤوليات التدقيق الداخلي تجاه هذه المسألة.
تناول هذا البحث بالدراسة موقف التدقيق الداخلي من مسألة الغش والکيفية التي يستطيع بها ممارسي هذه المهنة المساهمة إيجابيًا في محاربة الغش في منظمات الأعمال. وقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج، يتمحور جوهرها حول أن مکافحة الغش ليست مسئولية التدقيق الداخلي لوحده، بل هي مسئولية مشترکة بين مختلف الفاعلين في إدارة منظمات الأعمال. وعلى ضوء هذه النتائج، تم تقديم بعض التوصيات لم تجد مجالا للتطبيق.