کل الحروب تمثل أخطاراً مهددة ، وانتهاکات واستباحات تهدد کافة افراد المجتمع وتعرضهم للعديد من الصدمات , وتعد الخبرات التي يعيشها ضحايا الحرب خبرات عنيفة ومستمرة و کارثية ، لذلک تلعب الحروب دورا کبيراً في حياة الافراد ، وقد ينتج عنها امراض جسمية ونفسية کثيرة ، فهي لها نتائج سلبية على الافراد والجماعات ، وتخلق جوانب من عدم الاستقرار المادي والمعنوي والنفسي والاجتماعي .
وفي ظل الحروب التي شهدها العالم ، ازداد انتشار الاضطرابات النفسية بين الافراد ،التي منها اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة ، فقد اظهرت الدراسات العلمية في العديد من المجتمعات شيوع هذا الاضطراب بين السکان ، وأن نسبة التعرض لهذا الاضطراب نتيجة الکوارث الطبيعية  اقل انتشارا من الکوارث غير طبيعية مثل الحروب . ( خيربک ، 2008، ص 8،9)
لذلک فإن تأثيرات الحرب عديدة ومتنوعة ، قد تصيب المجتمع ککل بمختلف افراده و مؤسساته ، فأخطر أثار الحروب ليس ما يظهر منها ، وقت الحرب ، بل ما يظهر لاحقا في جيل کامل ، ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشکلات نفسية واجتماعية لا حصر لها ، نتيجة لما أستدمجوه من مثيرات بصرية وسمعية وشمية ، بل انها سلسلة متتالية من الخبرات والذکريات المؤلمة.
والحرب في ليبيا عام (2011) کانت حربا واسعة على جميع الاصعدة تعرض فيها الشعب الليبي لظروف وأوضاع صعبة جداً ، وتتمثل هذه الاوضاع في اطلاق الرصاص والقذائف على المساکن والمباني والمدارس والأماکن العامة والخاصة ، دون تمييز وما ادى اليه کل ذلک من تدمير وتخريب ، حيث تسببت في احداث مآس عديدة شملت العديد من الجوانب ، فأفرزت القتيل والجريح والأسير والمفقود ، وترکت العديد من الاطفال والنساء والشباب والشيوخ يعانون من المشاکل والاضطرابات النفسية الشديدة .
     ومن بين مأنتجت الحرب في ليبيا ، انتشار الکثير من الجرائم وألحقت بالعمران والبيئة العديد من الکوارث ، ولکن من اشد نتائجها المأساوية ما ترکته عند الافراد من الاثار السلبية التي اثرت على صحتهم النفسية , وسببت لهم اضطرابات نفسية قد تکون مزمنة ، ولن نجد من يختلف حول الحروب وما يصاحبها من ضغوط ونکبات يکون اثرها النفسي أکبر من أثرها المادي وهذا مالا يدرکه الناس في حينه .